صلاة بخصوصها ، لا لكونها أحد الأمرين الواجبين تخييرا ، أعني : الفعل والعزم ؛ فلو كان ثمّة تخيير بينهما ، لكان الامتثال بها من حيث إنّها أحدهما ، على ما هو مقرّر في الواجب التخييري. وأيضا ، فالإثم الحاصل على الإخلال بالعزم ـ على تقدير تسليمه ـ ليس لكون المكلّف مخيّرا بينه وبين الصلاة ، حتّى يكونا كخصال الكفّارة ، بل لأنّ العزم على فعل كلّ واجب ـ إجمالا ، حيث يكون الالتفات إليه بطريق الإجمال ، وتفصيلا عند كونه متذكّرا له بخصوصه ـ حكم من أحكام الإيمان يثبت مع ثبوت الإيمان ، سواء دخل وقت الواجب أو لم يدخل. فهو واجب مستمرّ عند الالتفات إلى الواجبات إجمالا أو تفصيلا. فليس وجوبه على سبيل التخيير بينه وبين الصلاة.
واعلم : أنّ بعض الأصحاب توقّف في وجوب العزم ، على الوجه الّذي ذكر. وله وجه ، وإن كان الحكم به متكرّرا في كلامهم ، وربّما استدلّ له بتحريم العزم على ترك الواجب ، لكونه عزما على الحرام ، فيجب العزم على الفعل ، لعدم انفكاك المكلّف من هذين العزمين ، حيث لا يكون غافلا ، ومع الغفلة لا يكون مكلّفا. وهو كما ترى.
حجّة من خصّ الوجوب بأوّل الوقت : أنّ الفضلة في الوقت ممتنعة ؛ لأدائها إلى جواز ترك الواجب ؛ فيخرج عن كونه واجبا. وحينئذ فاللازم صرف الأمر إلى جزء معيّن من الوقت ، فإمّا الأوّل أو الأخير ، لانتفاء القول بالواسطة. ولو كان هو الأخير ، لما خرج عن العهدة بأدائه في الأوّل. وهو باطل إجماعا ، فتعيّن أن يكون هو الأوّل.
والجواب : أمّا عن امتناع الفضلة في الوقت ، فقد اتّضح ممّا حقّقناه آنفا ، فلا نطيل بإعادته. وأمّا عن تخصّص الوجوب بالأوّل ، فبأنّه لو تمّ لما جاز تأخيره عنه ، وهو باطل أيضا ، كما تقدّمت الإشارة إليه.