من إطلاق ظاهر اللفظ ، فيكون المفهوم أيضا مطلقا ، غاية الأمر قيام الدليل على تقييد المنطوق فيقتصر عليه أخذا بمقتضى الإطلاق في غير ما قام الدليل على التقييد.
ومن أنّ المفهوم تابع للمنطوق ، فإذا كان المنطوق مقيّدا في الواقع تبعه المفهوم في ذلك ، وكان هذا هو الأظهر ، ولو خصّ العامّ في المنطوق قضى ذلك بتخصيص المفهوم أيضا ، إلّا أنّه يثبت في المنطوق للمستثنى خلاف حكم المستثنى منه ، وفي المفهوم لا يثبت له خلاف حكمه ، بل المستثنى هناك مسكوت عنه ، إذ الاشتراط المذكور إنّما يثبت للمستثنى منه ، فيفيد نفي ذلك الحكم الثابت للباقي عند فقدان الشرط المفروض ، ولا يسري الاشتراط إلى المستثنى حتّى يفيد نفي الحكم الثابت له عند فوات ذلك الشرط وهو ظاهر ، ويجري في التخصيص بالمنفصل ما ذكرناه في التقييد به.
سادسها : أنّه ذكر بعضهم لحجّية مفهوم الشرط وغيره شروطا :
الأوّل : أن لا يكون ثبوت الحكم في غير محلّ النطق أولى أو مساويا لمحلّ النطق ، كما في قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)(١) وقولك : إن ضربك أبوك فلا تؤذه.
الثاني أن لا يكون الحكم واردا مورد الغالب ، كما في قوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ)(٢). وقول الصادق عليهالسلام في الصحيح : «يجوز شهادة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها إذا كان معها غيرها». وفي الإحكام : أنّه اتّفق القائلون بالمفهوم على أنّ كلّ خطاب خصّص محلّ النطق بالذكر فخروجه مخرج الأعمّ الأغلب لا مفهوم له.
وقريب منه ما في المستصفى. عن بعض شروح المبادئ حكاية الاتّفاق عليه. وذكر في النهاية في مفهوم الوصف : أنّه إذا خرج التقييد مخرج الأغلب فإنّه لا يدلّ على النفي اتّفاقا ، كما في قتل الأولاد فإنّه غالبا لخشية الإملاق. ويظهر من نهاية
__________________
(١) الإسراء : ٣١.
(٢) النساء : ٢٣.