وممّا قرّرنا ظهر ضعف ما ذكره شيخنا البهائي رحمهالله في الجواب عن الإشكال المذكور من التزام التقييد بالقول بعدم حجّية المفهوم المذكور ، قال : «فقد أجمع أصحابنا على أنّ مفهوم الصفة فيه حجّة ، كما نقله العلّامة ـ طاب ثراه ـ في نهاية الأصول ، فالقائلون بعدم حجّية مفهوم الصفة يخصّون كلامهم بما إذا لم يكن في مقابلتها مطلق ، لموافقتهم في حجّية ما إذا كان في المقابل مطلق ترجيحا للتأسيس على التأكيد». انتهى.
وما حكاه من إجماع أصحابنا على حجّية مفهوم الصفة فيه ليس بمتّجه ، وحكاية ذلك عن العلّامة سهو ، بل الّذي حكاه هو الإجماع على حمل المطلق على المقيّد ، وأين ذلك من الإجماع على حجّية المفهوم؟ وكأنّه رحمهالله رأى انحصار الوجه في حمل المطلق على المقيّد على ثبوت المفهوم المذكور ، فجعل الإجماع على الحمل إجماعا على ثبوت المفهوم من جهة الملازمة ، وقد عرفت ما فيه ، فإنّ الوجه فيه هو ما ذكرناه حسب ما قرّرناه ، ولا ربط له بالمفهوم ، وما علّل به البناء على ثبوت المفهوم حينئذ من ترجيح التأسيس على التأكيد لو تمّ جرى في غيره ، كما إذا قال : «أكرم كلّ عالم» وقال أيضا : «أكرم كلّ فقيه» أو «كلّ عالم صالح». ولا يقول أحد بتخصيص الثاني للأوّل إلّا أن يقول بثبوت المفهوم المذكور وكونه قابلا لتخصيص العامّ ، ومع الغضّ عنه فالتأكيد إنّما يلزم في المقام لو كان المطلق متقدّما على المقيّد ، أمّا لو كان بالعكس فلا تأكيد. وأيضا لو تمّ فإنّما يتمّ لو صدر القولان عن معصوم واحد وبالنسبة إلى مخاطب واحد. أمّا لو كانا صادرين عن معصومين أو تغاير المخاطبون من دون حكايته للأوّل عند ذكر الثاني فلا تأكيد ، كما في الأخبار المتكرّرة الواردة عن المعصومين بالنسبة إلى المخاطبين المتعدّدين ، سيّما إذا كان كلّ منهما بعد سؤال المخاطب ، ومع ذلك فالإجماع على حمل المطلق على المقيّد يعمّ الجميع.
قوله : (وجنح إليه الشهيد في الذكرى).
حيث نفى البأس عن القول بحجّيته ، بل جعل مفهوم الغاية ـ الّذي هو أقوى