من العنوان ، إذ ليس له مدخليّة في إفادة المفهوم وإن كان الأوّل أيضا كذلك ، لعدم ملاحظة المعنى الأصلي في استعماله ، كما في الألقاب الدالّة بحسب الأصل على ما يوجب المدح أو الذمّ ، لزوال المعنى الوصفي بالتسمية ، فينتفي عنه تلك الخصوصيّة ، ولذا عبّروا باللقب عن مطلق الاسم ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى. فالمثال المذكور وغيره من الأسماء المشتقّة الدالّة على المعنى الجنسي مندرج في اللقب بعينه ، إذ لا فرق فيه بين الأعلام بأقسامها وأسماء الأجناس ، فيجري فيه الكلام في مفهوم اللقب لغيره.
نعم ، في جملة من الأسماء والقيود الواقعة في الكلام خصوصيّات تشعر بإرادة المفهوم وتدلّ عليه على حسب اختلاف المقامات ولأجلها وقع فيها خلاف آخر يأتي التنبيه عليه إن شاء الله ، وذلك كأسماء الأعداد المعيّنة والمقادير المشخّصة ، وسائر الهيئات التركيبيّة ، وخصوصيّات الأحوال الخاصّة ، والأزمنة والأمكنة المخصوصة ، ونحوها فإنّ تعليق الحكم عليها يشعر بإناطته بها وتوقّفه عليها ، فإذا انضمّ إليها من خصوصيّات المقام ما يوجب بلوغه حدّ الدلالة أو يقضي بظهور انحصار الفائدة في إفادة المفهوم دلّ على الانتفاء عند الانتفاء ، وليس في لفظ «الطعام» شيء من تلك الخصوصيّات ، فلا مجال لتوهّم الفرق بينه وبين غيره من الألقاب كما لا يخفى.
نعم ، حكي عن الإمام في البرهان : أنّ جميع جهات التخصيص راجعة إلى الصفة ، فإنّ المحدود والمعدود موصوفان بحدّهما وعدّهما ، وقس عليهما البواقي ، وهذا وإن كان يشعر به كلام جماعة منهم في الأمثلة والاحتجاجات إلّا أنّه مخالف لكلماتهم في عنوان المسألة ، لتوقّفه على استفادة المعنى الوصفي ولو ضمنا كما هو ظاهر ، ولذا أطلقوا عدم العبرة بمفهوم اللقب.
الثالث : أنّ تعليق الحكم على الوصف في بعض الأجناس على القول بإثبات المفهوم فيه إنّما يدلّ على انتفاء الحكم بانتفائه في ذلك الجنس دون غيره ، وأمّا تعليقه على ذلك الجنس فمن اللقب ، فلو فرض إثبات المفهوم في مثله دلّ على