إكرامه» و «غير زيد جاء» فقد عرفت في مفهوم الوصف خروجه عن محلّ الكلام في تلك المسألة ، وثبوت المفهوم فيه غالبا على كلا القولين فيها ، ومساواته مع الاستثناء في المدلول العرفي. ويشهد به أنّه لم ينقل من أحد من القائلين بالوجه الأوّل إنكار الدلالة المذكورة سوى الحنفية.
نعم ، قد يفرّق بين الوجهين المذكورين في كون الدلالة على الثاني وضعيّة دون الأوّل ، كما في التعليق على وصف الغير ونحوه ممّا يدلّ على المعنى المذكور ، من غير لزوم تجوّز في اللفظ عند التصريح بخلافه ، كما لو قيل : أكرم زيدا وغير زيد.
وفيه : أنّ حرف الاستثناء على كلا الوجهين يدلّ بوضعه اللغوي على مخالفة ما بعده لما قبله ، لاتّفاق أهل اللغة والعرف عليه كما عرفت ، ولا يلزم منه تعدّد الحكم والإسناد بمنطوق اللفظ. ألا ترى أنّ لوازم المعنى الموضوع له مداليل وضعيّة للألفاظ ، أي مستندة إلى الوضع ولو بتوسّط اللزوم بحيث لو صرّح المتكلّم بخلافها لزم استعمالها في غير ملزوماتها على سبيل التجوّز ، مع عدم وقوع الحكم بها والإسناد فيها باللفظ ، وإنّما حصل النطق بملزوماتها ، فلا فرق بين الوجهين المذكورين في الدلالة الوضعيّة.
نعم ، دلالة التعليق على وصف الغير ونحوه ليست وضعيّة وإن كانت مشاركة للوضعيّة في المدلول ، نظرا إلى جريانه مجرى الاستثناء بحسب العرف ، كما مرّت الإشارة إليه.
نعم ، يمكن التفرقة في المقام بين القولين المذكورين بوجه ثالث ، وهو : أنّ الدلالة المذكورة على الوجه الأوّل من باب المفهوم ، لعدم وقوع النطق حينئذ إلّا بحكم الباقي بعد الاستثناء كما في الوصف.
غاية الأمر أن يكون للوضع مدخليّة هنا في أصل الدلالة بخلاف الوصف ، وذلك لا يقضي باندراجه في المنطوق كما في الشرط والغاية وغيرهما ، بخلاف الوجه الثاني ، لحصول النطق بإخراج المستثنى عن الحكم المذكور قبله. وقد يقال