والحقّ أنّ تعليق الحكم على العدد المعيّن كتعليقه على سائر الألقاب لا يدلّ بمجرّده على حكم غيره من الأعداد إلّا بقرينة تفيد ذلك ، لأنّ الأعداد المختلفة قد تتّفق أحكامها ، وقد تختلف ، فتعليق الحكم على شيء منها لا يدلّ على ثبوته فيما عداه ، ولا على نفيه ، فلو دلّ على شيء من ذلك لكان باعتبار زائد على مجرّد التعليق ، لأنّ دلالته على ذلك على فرض ثبوتها ليست مستندة إلى وضع المفردات ، ولا إلى وضع الهيئة التركيبيّة ، كما مرّ بيانه في مفهوم الوصف ، ولذا لا يلزم التجوّز عند التصريح بخلافه ، للقطع بعدم صحّة السلب حينئذ ، فتكون مستندة إلى أمر زائد ، وهو ما ذكرناه ، وغاية ما يستدلّ به على ذلك وجوه :
الأوّل : أنّ تعليق الحكم على العدد المفروض لو لم يدلّ على انتفائه عن غيره لعرى التقييد به عن الفائدة ، وهو غير جائز في كلام الحكيم ، بل خارج عن وضع المخاطبات ، كما مرّ بيانه في مفهوم الوصف.
وفيه : ما عرفت أيضا من أنّ الفائدة لا تنحصر في ذلك ، لإمكان وقوعه لفوائد اخر على حسب ما مرّ ، على أنّه إنّما يلزم حيث يذكر العدد المخصوص بعد ذكر العدد العامّ ، كما في تقييد الموصوف العامّ بالوصف الخاصّ ، وذلك غير مفروض في المقام ، وإلّا فبيان حكم العدد المخصوص كغيره لا يدلّ على نفيه عمّا عداه ، إذ لا يلزم في بيان الحكم ذكر جميع موارده ، إنّما يذكر من ذلك ما يقتضيه الحال ، كما يأتي في اللقب.
الثاني : استقراء المحاورات العاديّة والمخاطبات العرفيّة الجارية بين الناس من قديم الدهر ، لاستمرار الطريقة على عدم ذكر العدد المخصوص إلّا مع اعتبار الخصوصيّة واستقرار العادة على عدم ذكره بمجرّد الاقتراح.
وفيه : أنّ ذلك إنّما يقتضي أن يكون في ذكره خصوصيّة ما في الجملة ، لا خصوص إرادة انتفاء الحكم في غيره ، ألا ترى أنّه لو قال : «صم ثلاثة أيّام» ثمّ قال : «صم خمسة أو يوما» لم يتصوّر هناك منافاة بين الخطابين أصلا؟! إنّما يقتضي أن يكون ذكر الثلاثة في الأوّل لخصوصيّة ما ، كما عرفت.