الخامس : ما روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا نزل عليه (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) قالعليهالسلام : «لأزيدنّ على السبعين» (١). فلو لم يسبق إلى فهمه الشريف أنّ ما زاد بخلافه لما قال ذلك.
وفيه بعد تسليم الخبر : أنّ التقييد بالعدد وإن لم يكن فيه دلالة على المفهوم إلّا أنّ اختصاص الوارد به ممّا لا شكّ فيه ، فيبقى غيره على الأصل فيه ، على أنّ العدد في ظاهر اللفظ إنّما وقع في حيّز الشرط ولذا استدلّ به على مفهوم الشرط ، كما مرّ في محلّه.
وممّا ذكر يظهر الحال في جميع الأعداد الّتي علّقت عليها الأحكام ، كمقادير الحدود، والديات ، والمنزوحات ، وأعداد الأذكار ، والدعوات ، والصيام ، والصلاة ، والأوقات المضروبة لجملة من الأحكام بتعيين الأيّام بالأصل أو الالتزام ، فإنّ الأمر فيما يزيد على ذلك راجع إلى ما كان عليه قبل الخطاب ، أو قبل الالتزام ، فليس انتفاء تلك الأحكام بعد تمامها في تلك المقامات شاهدا على مفهوم العدد على أنّها واردة في مقام البيان ، وتلك جهة اخرى في الدلالة على المفهوم خارجة عن محلّ الكلام ، فالاستناد إلى بعض ما ذكر في كلام بعضهم كالثمانين في حدّ القذف واضح الفساد.
فظهر ممّا ذكر : أنّ اختصاص الحكم والنسبة اللفظيّة في كلّ من الإنشاء والإخبار بالعدد المفروض وانتفاء واقعه عن غيره بالأصل في موارده ، أو ثبوته في الأقلّ أو الأكثر بمفهوم الموافقة ، أو لشمول العلّة ، أو من باب المقدّمة في مواردها ، أو بخطاب آخر مثبت لحكم مستقلّ على حدة ممّا لا ينبغي الكلام فيه والتنازع عليه ، وكذا شمول إطلاق العدد للمقترن بالزيادة وغيره ، حيث لا يكون في اللفظ ما يفيد تقييده بشرط عدمها ، لرجوعه إلى دلالة المنطوق ، فإن كان شاملا للوجهين اختصّ الحكم بالعدد وكان القدر الزائد خارجا عن مورد الحكم.
__________________
(١) المكارم ٢ : ١٣٤ نحوه.