قوله : (فإذا فقد الخبر فلا بدّ من الشرط).
هذا يدلّ على بنائه على المنع في المسألة الثالثة ، وحينئذ لا بدّ من الاشتراط في صورة الشكّ في حصول الشرط والظنّ بعدمه. وقد يقال بامتناع الأمر في صورة الظنّ تنزيلا له منزلة العلم ، وهو بعيد ، والظاهر أنّه لا تأمّل في جوازه ، وليس في كلامه رحمهالله ما يفيد المنع منه.
نعم ، قد يجعل حكمه بقيام الظنّ مقام العلم عند انسداد السبيل إليه شاهدا على المنع ، وفيه نظر لا يخفى.
ثم إنّ ما استند إليه في قبح الأمر مطلقا في صورة العلم بانتفاء الشرط ما قد علمت ما فيه ، وأمّا ما ذكره من قبح الاشتراط مع العلم بوجود الشرط فالوجه فيه هو ما قدّمناه من اللغويّة ، أو الدلالة على حصول الشكّ ، وقد عرفت ما يرد عليهما (١).
قوله : (وأقلّها إرادة المكلّف).
قد يقال في توجيه الدليل : إنّه مبنيّ على كون الإرادة خارجة عن قدرة المكلّف ، فإنّ سائر الأفعال إنّما تكون مقدورة بحصولها بإرادة المكلّف ، فلا تكون الإرادة مقدورة لحصولها بغير توسّط الإرادة ، وإلّا لزم التسلسل في الإرادة ، وإذا كانت غير مقدورة وكان التكليف حاصلا من دون حصولها ثبت المدّعى ، وإن لم يثبت التكليف مع انتفائها لزم ما ذكر من اللازم.
وفيه أوّلا : أنّ التقرير المذكور لو تمّ فإنّما يجري في خصوص الإرادة دون سائر الشروط المفقودة ، وقضيّة التقرير المذكور جريان الدليل في غيرها من سائر الشروط المفقودة ، حيث ذكر : أنّ كلّ ما لم يقع فقد انتفى شرط من شروطه.
وثانيا : أنّ عدم مقدوريّة الإرادة ممنوعة ، وكونها غير حاصلة بإرادة اخرى لا يفيد ذلك ، فإنّها مقدورة بنفسها ، وتكون غيرها مقدورة بتوسّطها.
وثالثا : بأنّ محلّ النزاع في المقام إنّما هو بالنسبة إلى شروط الوجوب دون
__________________
(١) في نسخة : «عليها».