وقد يكون المتعذّر فردا معيّنا من تلك الأفراد كالصلاة إلى جهة معيّنة. وعلى الوجهين : فإن حدث العذر بعد دخول الوقت وحصول الاشتغال بمراعاة الاستقبال في المثال أمكن استصحاب التكليف به حتّى يحصل القطع بسقوطه بالإتيان بالقدر الممكن كما ذكر. أمّا لو حصل العذر من أوّل الوقت فيمكن القول بثبوت التكليف في الصورة الاولى بخلاف الثانية ، لإمكان مصادفة القبلة لتلك الجهة المخصوصة الّتي تعذّر استقبالها من أوّل الأمر فلا علم بتعلّق التكليف بمراعاة الاستقبال عن أوّل دخول الوقت. وعمومات أدلّة البراءة تقضي بسقوطه من أصله ، فلا يجب الإتيان بما أمكن من مقدّمات العلم به.
وفيه : أنّ عموم ما دلّ على وجوب الاستقبال شامل له لعدم علمه بتعذّره ، إنّما يحتمل ذلك ومجرّد ذلك ليس عذرا عقليّا ولا شرعيّا في سقوط التكليف المذكور ، وإنّما يعلم ذلك مع الإتيان بالقدر الممكن فيجب ذلك للتحرّز عن خوف المخالفة.
فإن قلت : لا شكّ في تقييد التكليف بذلك بالإمكان ، والشكّ في الشرط يوجب الشكّ في المشروط فلا علم بالتكليف من أصله.
قلت : فرق بين الشرط والمانع وإن كان عدم المانع شرطا أيضا ، فإنّ الشكّ في الأوّل قاض بجواز نفي التكليف بالمشروط بالأصل بخلاف الثاني ، فإنّ احتمال المانع لا يكفي في رفع اليد عن التكليف الثابت بظاهره ، إذ الرفع يحتاج إلى الدليل كما أنّ الإثبات يتوقّف عليه.
ومنها : أن يحصل الشكّ في اعتبار بعض القيود المأخوذة في الواجب في مجموع أجزائه أو في كلّ جزء من أجزائه كالوقت ، إذ على الأوّل يسقط التكليف بتعذّر مراعاته في البعض إلّا مع اندراجه في النصّ وانجباره في مورده بخلاف الثاني. ومقتضى الاقتصار على المتيقّن هو الأوّل ، إلّا أنّ الشكّ في الثاني يرجع إلى الشكّ في شرطيّة الشيء للمأمور به ، فإن قلنا بلزوم الاحتياط فيه لزم مراعاته بقدر الإمكان.
وفيه : أنّ المفروض حصول البراءة بيقين مع مراعاة الوقت في البعض