وذلك أعمّ من تعلّقه بالطبيعة المنضمّة إلى الخصوصيّة مع خروج الخصوصيّة عن كونها متعلّقا للتكليف وكون الخصوصيّة متعلّقا للتكليف أيضا. فلا دلالة في ذلك على تعيّن الثاني كما هو المدّعى.
وإن اريد أنّ الحكم المذكور لا يمكن تعلّقه إلّا بالفرد فإنّ المقدور إنّما هو الفرد والحكم إنّما يتعلّق بالمقدور دون الوجه الآخر ـ حيث لا يتعلّق به القدرة ـ فذلك مسلّم ، لكنّه لا يقتضي إلّا ثبوت الحكم المذكور للفرد من حيث انطباق الفرد على تلك الحقيقة ولا دلالة فيه على وجوب الخصوصيّة أيضا. فإن اريد به الوجه الثاني فلا دلالة في ذلك عليه أيضا كما عرفت.
وما يقال : من أنّ الفرد المأخوذ على الوجه المذكور أيضا كلّي ـ لصدقه على أفراد كثيرة ولا دلالة فيه على ثبوت الحكم لخصوص شيء من الأفراد ، فالمفسدة المذكورة جارية فيه ، لعدم تعلّق القدرة عليه إلّا في ضمن خصوص الأفراد ، ولو اريد إيجاد خصوص الفرد المعيّن فهو مع خروجه عن مقتضى التقرير المذكور ممّا لا دلالة في اللفظ عليه قطعا ـ مدفوع، بأنّ ما تعلّق به الحكم ليس مفهوم الفرد ليكون أيضا كلّيا صادقا على أفراد عديدة. بل المقصود ثبوت الحكم لمصداق الفرد ، يعني أنّ الحكم الثابت للطبيعة إنّما لوحظ ثبوته من حيث انطباقها على مصداق الفرد ليكون الحكم الثابت لها ثابتا لمصداقه ، فليس المقصود إلّا ثبوت الحكم للفرد الخاصّ بحسب الواقع من حيث انطباقه على الطبيعة. وإنّما ذلك من اعتبار الفرد مفهوما مستقلّا كلّيا حسب ما يتوهّم. وأداء الواجب بكلّ من الأفراد وحصول التخيير بينها إنّما هو من جهة انتفاء الدليل على العموم ، وحصول الطبيعة المنضمّة في الفرد بكلّ منها ، فيقضي (١) الأمر المتعلّق بها بالإجزاء عند إرادته كذلك ، فهو تخيير عقلي حاصل من ملاحظة القدرة ، وليس الفرد هناك إلّا واجبا أصليّا نفسيّا من غير أن يتحقّق هناك وجوب غيريّ تبعيّ أصلا.
__________________
(١) العبارة في المخطوطتين هكذا : حصول الطبيعة المنطبقة في الفرد بكلّ منها ليقضي.