الطلب بها بالمرّة بل لو فرض كونها مقدّمة لفعل المأمور به ـ كما زعمه بعضهم ـ كان الحال فيها هو كالحال في المقدّمات المحرّمة إذا عصى المكلّف بفعلها حتّى ينتهي إلى فعل المأمور به حيث لا ينحصر المقدّمة فيها ، كركوب المغصوبة مع إمكان غيرها بخلاف التخيير الشرعي لتعلّق الطلب فيه بالخصوصيّة.
ويمكن التفصيل فيه أيضا بين حصول الحرج في بعض الخصال على الوجه (١) تعلّق به وغير ذلك ، إذ التكليف بها في تلك الحال جعل للحرج على ما ذكر. بخلاف الثاني ، إذ التكليف الواقع بالخطاب المفروض إنّما تعلّق بالامور السهلة. وعروض التعسّر في بعض الخصال لا يقضي بسقوط الخطاب ، لانتفاء الحرج على العبد وعدم اندراجه حينئذ في إطلاق الأدلّة المذكورة وإنّما يندرج فيها عند تعسّر جميعها. وكذا الحال في الواجب الكفائي فإنّ جعل الإيجاب على من يتعسّر عليه الفعل حال الخطاب جعل للحرج ولو على سبيل الكفاية ، بخلاف ما إذا تيسّر الفعل على المكلّفين في حال الخطاب ثمّ عرض التعسّر في حقّ البعض أو تعلّق الطلب بالعنوان الكلّي مع حصول الحرج في خصوص البعض.
نعم يمكن أن يقال بسقوط الوجوب عمّن تعسّر عليه الفعل وإن عصى الباقون بترك المأمور به ، وإلّا فمع ترك الباقين يتحتّم الفعل على المكلّف المفروض فيستلزم إيقاعه في الحرج. أمّا لو تحمل الحرج في فعله قضى ذلك بسقوط التكليف عن غيره وارتفاع العصيان عنه ، لحصول المطلوب ـ الّذي هو القدر المشترك بين فعل الجميع ـ فيقوم غير الواجب مقام الواجب. بل له أن ينوي الوجوب مع ذلك ، لأنّ ترك الغير إنّما يقضي بتعيّن البعض وإلزامه بالفعل بالنظر إلى الواقع ، فإذا تضمّن الحرج سقط عنه. وإنّما يتحقق ذلك في الظاهر عند خروج الوقت وترك الجميع فيأثم الكلّ بذلك ، سوى من كان عليه الحرج. أمّا قبل ذلك فتكليف الجميع بالفعل على سبيل الكفاية باق على حاله ، وليس في حرج البعض
__________________
(١) كذا ، وفي العبارة تصحيف أو سقط.