الأفعال وجودا وعدما في صحّتها. ولا فرق في ذلك بين كون ذلك الأمر الخارج شرطا في العبادة أولا ، إلّا أنّ الحكم بالنسبة إلى الشرط أوضح ، فإنّه قد يستفاد منه أيضا عدم حصول الشرط بذلك فيفيد الفساد.
وأمّا عدم دلالته على الفساد إذا لم يكن النهي لأجل العبادة ، فبانتفاء الملازمة العقليّة والدلالة العرفيّة. ولا فرق حينئذ بين كون المنهيّ عنه شرطا أو غيره.
فإن قلت : إذا كان المنهيّ عنه شرطا دلّ النهي عنه على عدم وجوبه وهو لا يجامع وجوب المشروط ، لما عرفت من كون وجوب المقدّمة من لوازم وجوب ذيها ، وحينئذ فسقوط الوجوب عن ذيها يكون قاضيا بفسادها ، حسب ما مرّ (١).
وأمّا دلالته على الفساد إذا تعلّق بذات المعاملة لذاتها أو لجزئها كذلك أو بأمر خارج عنها لازم لها أو مفارق عنها لأجل تلك المعاملة شرطا كان أو غيره فلوجوه :
أحدها : أنّ ذلك هو المنساق منها بحسب الاستعمال وإن لم يكن هناك ملازمة عقليّة بين التحريم والفساد ـ حسب ما قرّرناه بالنسبة إلى العبادات ـ إذ ليست الصحّة هنا إلّا ترتّب الأثر ، ولا مانع من ترتّبه على المحرّم ، إلّا أنّه لمّا كان الغرض الأهمّ من المعاملة هو ترتّب الأثر وكان كمالها الذاتي يتفرّع آثارها عليها كان النهي المتعلّق بها لذاتها دالّا بحسب المقام على نقصها في حدّ ذاتها وعدم كونها مثمرة للثمرة المقصودة منها ـ كما يظهر ذلك من التأمّل في المقام ـ بل لا يبعد استفادة ذلك من النواهي الواردة في العرف أيضا من الموالي بالنسبة إلى العبيد أو الحكّام إلى الرعيّة ونحوهم في مثل هذا المقام ، فانّه لا ريب في ظهوره بملاحظة المقام في عدم ترتّب الآثار المطلوبة من تلك الأفعال ، بل ليس المقصود من تلك النواهي غالبا إلّا بيان ذلك ، فإيرادها في صورة الطلب إنّما هو لبيان ذلك لا لإرادة التحريم ، ولا يبعد القول في كثير من النواهي الشرعيّة بل في معظمها إلّا ما شذّ وندر ، فإنّ نهيه عن بيع الغرر وبيع الملامسة والحصاة ونحوها إنّما يراد به بيان
__________________
(١) لم يرد في النسخ جواب إن قلت.