منحصرا في نحو ما ذكر ، وما يحكم فيه بعدم الدلالة على الفساد هو غير ذلك ممّا يعمّ فيه دليل الصحّة ، أو أنّ مقصودهم من ذلك عدم دلالة النهي بنفسه على الفساد وإنّما يأتي الفساد فيما ذكر من جهة الأصل لاختصاص دليل الصحّة لا من جهة النهي.
والجواب أمّا عن عدم المنافاة بين الصحّة والتحريم فبأنّه كذلك إلّا أنّ هناك فرقا بين النهي المتعلّق لأجل المعاملة والمتعلّق بها لأمر خارج ـ حسب ما بيّناه ـ بل قد عرفت أنّ استفادة التحريم من الأوّل محلّ تأمّل فالمنافاة بينهما على ما قرّرناه ظاهرة لابدّ من تقييد ما دلّ على الصحّة بذلك. وأمّا عمّا ذكر «من استفادة الفساد مع اختصاص دليل الصحّة بالمحلّل» فبأنّ استفادة الفساد منه حينئذ من جهة الأصل ممّا لا تأمّل فيه إلّا أنّ الشأن في بيان اختصاص أدلّة الصحّة ـ حسب ما ذكر ـ فبأنّ أقصى ما يسلّم عدم شمول الآية الاولى للبيوع المحرّمة. وأمّا عن آيات المتاجر فما ذكر من الوجه «في اختصاصها بالمحلّل» غير متّجه ، أمّا الاولى منها فلأنّ مدلول الآية الشريفة وجوب الوفاء بمقتضى العقود ، وغاية ما دلّ عليه النهي هو حرمة نفس العقود ولا منافاة بين الأمرين بالذات لوضوح اختلاف متعلّق التحريم والحلّ ولا بالالتزام ، فإنّه إنّما يتحقّق المنافاة إذا قلنا باستلزام حرمة العقد لحرمة الوفاء بمقتضاه ـ أعني الفساد ـ فإنّه ينافي ما يستفاد من الحلّ إلّا أنّ ذلك أوّل الدعوى ، ومبنى كلام القائل على عدم المنافاة بينهما ـ حسب ما صرّح به في القسم الأوّل ـ والظاهر أنّ قوله «فإنّ الظاهر أنّ أهل العرف يفهمون التنافي» رجوع عن حصول المنافاة العقليّة ـ حسب ما يقتضيه أوّل الكلام ـ واستناد إلى التنافي العرفي.
وأنت خبير : بأنّ المنافاة العرفيّة إنّما يتمّ على ما ذكرناه من دلالة النهي عن المعاملة على الوجه الّذي قرّرناه على الفساد عرفا ، فإنّه لمّا كان مفاد النهي هنا الفساد ظهر المنافاة بين الحكمين في فهم العرف فهو حينئذ رجوع إلى ما قلناه. ومنه يظهر الكلام في الآية الثانية. وأمّا الآية الأخيرة فبأنّ استثناء أكل المال على