الملحوظة أن لا يكون في تلك الحال واجبا إلّا من جهة الأداء سواء تحقّق به الأداء أو لا ، وذلك لا يقضي بعدم وجوب الترك الغير المؤدّى مطلقا ، وإنّما يقضي بعدم وجوبه من حيث إنّه لا يؤدّي ، فلا ينافي وجوبه من حيث الأداء وإن لم يؤدّه المكلّف إليه لعدم سقوط الوجوب بعدم إتيان الواجب ، فالفرق بينه وبين المثال المذكور ظاهر حيث إنّ الدخول في دار الغير بغير إذنه محرّم ، ولا يستثنى منه إلّا الدخول المؤدّى إلى الواجب المفروض فغيره يندرج في الحرام. فما تحقّق به الإيصال أو كان ملحوظ الداخل إيصاله إليه وإن لم يتحقّق به الإيصال لطروّ مانع بعد ذلك متّصف بالوجوب ، فيكون الإتيان به لا لأجل ذلك محرّما غير مستثنى من التحريم.
فإن قلت : إنّه قد يكون الدخول لأجل أداء ذلك الواجب واجبا ، لكون الدخول مقدّمة له فيكون ذلك واجبا من حيث الأداء إليه ـ كما هو المفروض في محلّ البحث ـ وحينئذ لو أتى بذلك لا لأجل الأداء إليه كان محرّما قطعا ؛ فظهر بذلك أنّ الواجب في المقام هو الدخول المؤدّي من حيث أدائه فالواجب في المقام أيضا هو الترك المؤدّي من حيث الأداء لا مطلقا من غير فرق بين المقامين. فيظهر بذلك كون الواجب هو الفعل الموصل على حسب ما مرّ القول فيه.
قلت : الفرق بين الصورة المذكورة وما هو المفروض في المقام ظاهر حيث إنّ الحكم هنا على عكس ما ذكرنا من المثال ، فإنّ المفروض في المقام كون الفعل واجبا في نفسه محرّما من حيث أداء تركه إلى الواجب ، ويكون الترتيب هناك بين وجوب الأهمّ وتحريم غير الأهمّ من جهة أداء تركه إلى الفعل الأهمّ ، وهنا إنّما يتعيّن عليه الواجب الأهمّ من الحرام ويكون ذلك الحرام واجبا من جهة الأداء إليه ويكون محرّما مطلوبا تركه على تقدير ترك ذلك الأهمّ ، فيكون تحريمه مترتّبا على ترك ذلك الأهمّ فهو حين ترك الأهمّ وجب عليه ترك مقدّمته المفروضة من حيث ترتّب تحريمه على ترك ذلك الواجب ، فيكون ذلك الترك حراما واجبا من حيث الأداء إلى الواجب ، ولا مانع من اجتماعهما من جهة الترتّب على عكس