أحدها : التبادر فإنّ المفهوم من الجمع المعرّف بحسب العرف هو استغراق الآحاد دون الجموع كما يعرف ذلك من ملاحظة موارد استعماله ، ولذا نصّ جماعة بانسلاخه عن معنى الجمعيّة حيث لا تفاوت بين ما يستفاد منه وما يستفاد من الاستغراق الوارد على المفردات ، فإنّ المفهوم من قولك «أكرم العلماء» هو المفهوم من قولك «أكرم كلّ عالم».
ثانيها : نصّ جماعة من أئمّة الفنّ عليه قال التفتازاني : إنّه ممّا ذكره أكثر أئمّة الاصول والنحو وصرّح به أئمّة التفسير في كلّ ما وقع في التنزيل من هذا القبيل نحو (إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(١)(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)(٢)(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا)(٣)(وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(٤)(وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)(٥)(وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ)(٦) إلى غير ذلك. وذكر أنّ كلام الزمخشري في الكشّاف مشحون بذلك حيث قال في قوله تعالى (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) إنّه جمع يتناول كلّ محسن ، وفي قوله تعالى (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) إنه نكّر ظلما وجمع العالمين على معنى ما يريد شيئا من الظلم لأحد من خلقه ، وفي قوله تعالى (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً)(٧) أي ولا تخاصم عن خائن قطّ ، وفي قوله (رَبِّ الْعالَمِينَ)(٨) إنّه جمع ليشمل كلّ جنس ممّا سمّي بالعالم.
ثالثها : أنّه يصحّ بلا خلاف «جائني العلماء إلّا زيدا ، وجائني القوم إلّا عمرا» مع امتناع قولك «جائني كلّ جماعة من العلماء إلّا زيدا» بناء على إرادة الاستثناء المتّصل ولو كان مفاد اللفظين واحدا لجاز ذلك في المقامين.
واورد عليه : بأنّه لا شكّ في جواز استثناء البعض من الكلّ على نحو
__________________
(١) البقرة : ٣٣.
(٢) البقرة : ٣١.
(٣) البقرة : ٣٤.
(٤) آل عمران : ١٣٤.
(٥) هود : ٨٣.
(٦) آل عمران : ١٠٨.
(٧) النساء : ١٠٥.
(٨) الفاتحة : ٢.