وتوضيح المقام : أنّ العموم الملحوظ في الجمع إمّا أن يكون مجموعيّا أو أفراديّا ، فعلى الأوّل يكون مفاده في المقام سلب الكلّي الحاصل برفع بعضه ، وعلى الثاني فإمّا أن يكون السلب واردا على العموم أو على كلّ واحد من جزئيّات العامّ ، فعلى الأوّل يكون مفاده رفع السلب الكلّي أيضا على نحو قولك «ما تزوّجت بكلّ بكر في هذه البلدة ، وما زرت كلّ واحد من علمائنا» وعلى الثاني يكون مفاده سلبا كلّيا ، والظاهر من هذين الوجهين في المقام هو الثاني وإن كان الظاهر من ورود النفي على لفظة «كلّ» وما بمعناه هو الأوّل.
بيان ذلك أنّه ليس في المقام ما يفيد المفهوم من لفظة «كلّ» وما بمعناه ، وإنّما مفاد الجمع هو خصوص الجزئيّات المندرجة تحته فالاستغراق من أحواله وصفاته من غير أن يكون هناك ما يفيد خصوص معنى الشمول ليرد النفي عليه كما هو الحال في النفي الوارد على «كلّ» وما يفيد مفاده ، فإذا تعلّق حكم بالجمع على الوجه المفروض فقد تعلّق بكلّ واحد من جزئيّاته سواء كان ذلك الحكم نفيا أو إثباتا ، فكما يكون تعلّق الحكم المثبت به حكما على كلّ من تلك الجزئيّات فكذا الحال في النفي.
نعم لو لوحظ شموله للجمع نظرا إلى اندراج جميع الآحاد في مدلوله وعلّق النفي عليه صحّ ما ذكر من دلالته على سلب العموم إلّا أنّه اعتبار زائد لا يساعد عليه ظاهر الإطلاق ليتوقّف على قيام شاهد عليه ، وحينئذ فإن كان في المقام ما يستظهر منه كون المقصود من الجمع عموم الآحاد تعيّن كون المراد منه عموم السلب إلّا أن يقوم دليل على خلافه ، وإن ظهر كون المراد منه العموم المجموعي دلّ على سلب العموم ، وإن دار الأمر بين الوجهين من غير ظهور ترجيح لأحد الجانبين تعيّن الرجوع إلى اصول الفقاهة حسب ما بيّناه في وقوعه في سياق الإثبات ، والقدر المفهوم من اللفظ حينئذ هو السلب الجزئي ، وما يزيد عليه فغير مفهوم من اللفظ بل يتوقّف على قيام شاهد عليه.