وضعفه ظاهر ممّا قرّرناه فإنّ ما وضع له أسامي الأجناس هو الطبائع المطلقة المأخوذة لا بشرط شيء ، ومن المقرّر أنّ الماهيّة اللا بشرط يجامع ألف شرط فإطلاقه على الماهيّة المطلقة المقيّدة لا يقضي بخروج اللفظ عن موضوعه إذا كانت الخصوصيّة مرادة من الخارج لا من نفس اللفظ حسب ما قرّرناه في إطلاق الكلّي على الفرد كما هو الحال في معظم استعمالات الكلّيات ، فإنّها في الغالب إنّما تطلق على المفاهيم المقيّدة مع أنّه لا تجوّز فيها كما هو ظاهر من ملاحظة استعمالاتها.
وقد مرّ تفصيل القول فيه ومن ذلك موضع الكلام في المقام فإنّ من تأمّل في استعمالاته العرفيّة في المخاطبات الجارية يكاد يقطع بكون استعماله على وجه الحقيقة حين إطلاقه على المعهود كما في قولك «يا أيّها الرجل أو أكرم هذا الرجل وائتني بذلك الرجل ونحوها» من الاستعمالات الشائعة المتكثّرة وكذا الحال في إطلاقه على جميع الأفراد والفرد المنتشر عند التأمّل في المقام ، فالحيثيّة الملحوظة في وضع المادّة أعمّ من الجنس الملحوظ في المقام ، فإنّ المراد بالجنس هناك يعمّ ما إذا اريد به العهد أو الاستغراق أو العهد الذهني أيضا بخلاف ما يراد من الجنس هنا ، فإنّه يقابلها فالجنسيّة على الوجه الثاني ملحوظة بشرط لا ، لعدم اجتماع إرادتها مع إرادة أحد المعاني المذكورة بخلاف الجنس الملحوظ في الوجه الأوّل ، فإنّه مأخوذ على وجه اللا بشرط فيعمّ كلّا من الوجوه المذكورة. وما ذكر من توقّف فهم تلك المعاني على ضمّ القرينة فيكون شاهدا على مجازيّته فيها أوهن شيء ، وذلك لأنّ ضمّ أحد القيود المذكورة إلى الطبيعة المطلقة وكون الطبيعة اللا بشرط حاصلة مع أحد الشروط المعيّنة لا بدّ له من دليل يدلّ عليه ، فإنّ مجرّد اللفظ الموضوع للطبيعة المطلقة لا يدلّ عليه ، فلابدّ من قرينة تدلّ على كون تلك الطبيعة المطلقة مقترنة بواحد منها حاصلة معها ـ كما هو الحال في إطلاق الكلّي على الفرد في سائر المقامات ـ فإنّه لو لم يقم دليل على إطلاق الكلّي على الفرد لم يحمل اللفظ إلّا على الطبيعة المطلقة إذ لا يزيد مدخول اللفظ على ذلك.