لذلك ، ولغاية الاتّصال بين الأمرين يتراءى في جليل النظر كون مدلول اللفظ أوّلا هو نفي جميع الأفراد ، وليس كذلك بعد التأمّل الصحيح في مدلول اللفظ ، لظهور تعدّد المدلولين حسب ما ذكرنا.
وأمّا الثاني : فلوضوح أنّ نفي الماهيّة إنّما يراد به نفيها من حيث الوجود ، وظاهر أنّ نفي وجود الماهيّة مطلقا إنّما يكون بنفي جميع أفرادها ، فإذا ثبت وجود واحد منها كان إخراجا له عن مدلول اللفظ.
فإن قلت : إنّ الإخراج المذكور حينئذ إنّما يكون عن مدلوله الالتزامي فلا يكون الإخراج عمّا هو المراد من اللفظ ، وهو خروج عن قاعدة الاستثناء مخالف للظاهر ، فإنّ قضيّة الاستثناء هو الإخراج عن المستثنى منه دون الأمر اللازم له.
قلت : إن كان الأمر اللازم أمرا مباينا للمستثنى منه فالحال على ما ذكر ، وأمّا إن كان ذلك مصداقا لمدلول اللفظ حاصلا بحصوله منضمّا إلى مدلول اللفظ بيانا لخصوصيّة في ذلك المدلول ملحوظا في إطلاق اللفظ بملاحظة تلك الدلالة الالتزاميّة من غير لزوم تجوّز في الاستعمال كما في المقام فلا مانع ، فإنّ مفاد «لا رجل» بضميمة الملاحظة المذكورة اللازمة لمؤدّاه نفي جميع الآحاد ، فلا مانع من إخراج بعض الأفراد عنه ، نظرا إلى دخوله في مدلول اللفظ وإن كان استفادة ذلك منه عند النظر الدقيق بملاحظة الخارج اللازم.
وعلى الثاني : أنّ اطّراد الاستثناء دليل على فهم العموم منه عند الإطلاق ، وهو أعمّ من الوضع له ، فلا مانع من أن يكون من أجل ما قرّرناه.
ونحوه يرد على الثالث والرابع والخامس ، فإنّ أقصى ما يستفاد منها الدلالة على العموم لا خصوص كونها من جهة الوضع له.
وعلى السادس : أنّه إن اريد به دعوى الاتّفاق منهم على استفادة العموم منه عند الإطلاق فمسلّم ، ولا ينافي ما قرّرناه ، وإن اريد دعوى الاتّفاق على وضعه له فممنوع.
ثمّ إنّ الظاهر ممّا حكي عن النحاة من نفي دلالتها على العموم أنّهم أرادوا