ليجب الأخذ بمقتضاه من جهة دفعه ، وذلك للعلم بعدم الاعتماد عليه في الشريعة ، بل منع الشارع عن الأخذ به ، فإنّما يترتّب الضرر حينئذ على التمسّك به دون عدمه.
ويمكن الإيراد عليه : بأنّ مدار الاحتجاج المذكور على كون الظنّ بالواقع قاضيا بظنّ الضرر مع مخالفة المظنون ، فإذا قيل بإمكان التخلّف وعدم حصول الظنّ مع حصول الظنّ بالحكم بطل الاحتجاج من أصله.
ويدفعه : أنّ مدار الاحتجاج على كون الظنّ بالواقع مقتضيا لظنّ الضرر لو لا قيام المانع منه ، فإذا قام الدليل على عدم حجّية بعض الظنون كان ذلك مانعا من الظنّ بالضرر، ومع عدمه فالظنّ بالضرر حاصل عند حصول الظنّ بالتكليف.
وفيه منع ظاهر ، إذ لا دليل على الدعوى المذكورة سيّما بعد ملاحظة خلافه في عدّة من الظنون ، وقيام بعض الوجوه المشكّكة في عدّة اخر منها ، بل ضرورة الوجدان قاضية بعدم الملازمة بين الظنّ بالحكم والظنّ بالضرر مع عدم الأخذ به ، وقد مرّت الإشارة إلى ذلك ، ويأتي تتمّة الكلام فيه إن شاء الله.
إلّا أنّ ذلك إيراد آخر على الدليل المذكور لا ربط له بالإيراد المذكور ، وما ذكر من الجواب كاف في دفع هذا الإيراد.
وأمّا ما ذكره في الجواب عن تقرير الإيراد المذكور على الدليل الأوّل فيرد على ما ذكره، أوّلا : أنّ مفاد المقدّمات المذكورة هو حجّية مطلق الظنّ وقيامه مقام العلم دون الأدلّة الظنّية ، ولو دلّ على حجّيتها فإنّما هي من حيث إفادتها الظنّ فيعود إلى الأوّل ، فكيف يصحّ القول بأنّ مفادها حجّية الأدلّة الظنّية المفيدة للظنّ في نفسها مع قطع النظر عمّا يعارضها دون نفس المظنّة الواقعيّة؟
ومع الغضّ عن ذلك فأيّ فرق في ما ذكر بين دلالتها على حجّية كلّ من الأدلّة الظنّية وكلّ ظنّ من الظنون؟ فإنّه بناء على ثبوت العموم بحكم العقل لا يصحّ ورود التخصيص عليه في شيء من الصورتين على ما تقرّر عندهم من عدم جواز التخصيص في القواعد العقليّة.
* * *