سابعها : أنّ الفقيه كثيرا ما يحصل له القطع بالحكم ، إذ ليس جميع مسائل الفقه ظنّية ، غاية الأمر أن يكون معظمها ظنّية ، فأخذ الظنّ في الحدّ يقضي بخروج القطعيّات ، مع أنّ استنباطها عن الأدلّة يكون بالاجتهاد.
كيف! ومن البيّن : أنّ الاجتهاد قد ينتهي في بعض الأحيان إلى القطع لتراكم الظنون ، وظاهر الحدّ المذكور يقضي بخروجه من الاجتهاد.
ثامنها : أنّه يندرج في الحدّ استفراغ الفقيه وسعه في تحصيل الظنّ بالأحكام الاصوليّة ممّا يندرج في اصول الدين ـ كخصوصيّات عالم المعاد أو البرزخ ـ أو في اصول الفقه ـ كحجّية الحسن والموثّق والضعيف المنجبر بالشهرة ونحوها ـ مع أنّ ذلك لا يعدّ اجتهادا في العرف.
تاسعها : أنّه يندرج فيه استفراغ وسعه في تحصيل الأحكام الظنّية الخاصّة المتعلّقة بالموضوعات ، كتعيين الهلال لوجوب الصوم أو الإفطار ، والقيمة ، وسائر ما يتعلّق به القضاء ، ولا يندرج شيء من ذلك في الاجتهاد.
وقد يذبّ عن الأوّل : بأنّ المراد بالفقيه من مارس الفقه احترازا من غير الممارس ، كالمنطقي الصرف. وفيه : أنّ مجرّد ممارسة الفقه مع عدم المعرفة بالأدلّة وكيفيّة إجرائها والاقتدار على ردّ الفروع إلى الاصول غير كاف في المقام ، بل هو بمنزلة المنطقي الصرف في عدم الاعتداد باستفراغه ، وعدم كونه اجتهادا بحسب الاصطلاح ، وعدم اندراج المستفرغ المذكور في عنوان المجتهد ، مضافا إلى ما في الحمل المذكور من التعسّف لخروجه عن المعنى المصطلح من غير قيام قرينة عليه.
والقول بأنّ استفراغه الوسع في تحصيل الأحكام لا يحصل إلّا بتحصيل جميع ما يتوقّف عليه مدفوع ، بأنّه يأباه ظاهر الإطلاق ، إذ الظاهر منه استفراغ الوسع الحاصل للمستدلّ على حسب ما يقتضيه حاله ، وقد لا يسع لجميع ذلك ، ولو اريد به خصوص ما يعتدّ به شرعا من استفراغ الوسع صحّ ذلك ، إلّا أنّه لا شاهد في العبارة على التقييد.