المعلومة عند الشيعة ، لعدم حجّية القياس عندهم. والاستناد إلى منصوص العلّة أو مفهوم الموافقة ونحوهما ليس تعدّيا عن الأخبار كما قرّر في محلّه.
وممّا ذكرنا : يظهر الحال في باقي العبارات المنقولة.
وقد نصّ المحقّق في المعارج : بأنّ الاجتهاد في عرف الفقهاء بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعيّة. قال : وبهذا الاعتبار يكون استخراج الأحكام الشرعيّة من أدلّة الشرع اجتهادا ، لأنّها يبتنى على اعتبارات نظريّة ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر ، سواء كان ذلك الدليل قياسا أو غيره ، فيكون القياس على هذا التقدير أحد أقسام الاجتهاد.
فإن قيل : يلزم على هذا أن يكون الإماميّة من أهل الاجتهاد.
قلنا : الأمر كذلك ، لكن فيه إبهام ، من حيث إنّ القياس من جملة الاجتهاد ، فإذا استثني القياس كنّا من أهل الاجتهاد في تحصيل الأحكام بالطرق النظريّة الّتي ليس أحدها القياس انتهى.
والحاصل : أنّ اختيار كثير من هؤلاء ـ كالسيّد والشيخ وابن إدريس والمحقّق وأضرابهم ـ لطريقة المجتهدين أمر ظاهر جليّ معلوم من ملاحظة كتبهم في الاستدلال. وكذا الحال في اعتمادهم على الإجماع واستنادهم إليه في كثير من المسائل ممّا لا مجال لإنكاره ، كما ينادي به ملاحظة كتبهم. وكذا الحال في اعتمادهم على كثير من المطالب المقرّرة في الاصول ، كما يظهر من الرجوع إلى كيفيّة استدلالهم في المسائل الفقهيّة. ومن ملاحظة ما قرّره السيّد في الذريعة والشيخ في العدّة والمحقّق في المعارج : بأنّ للعامي تقليد العالم والأخذ بقوله ، وحكينا(١) الإجماع عليه.
وبالجملة : أنّ اختيار هؤلاء لطريقة المجتهدين أمر واضح ، يكاد يلحق بالضروريّات. فالاستناد إلى ما يوهمه العبارة المذكورة لدفعهم طريقة الاجتهاد واختيارهم مذهب الأخباريّين من العجائب. وحيث إنّهم لم يقرّروا خلافا بين
__________________
(١) في «ق» حكيا.