الاجتماع مصرّحون بما ذكر من اختلاف المتعلّق مستندون إليه ، ولو صحّ ما ذكر لارتفع الخلاف في المسألة بحسب المعنى ولكان البحث في خصوص الأمثلة بأنّ الحال فيها من قبيل الاجتماع أولا؟ وليس كذلك قطعا ، فالمناط في الاجتماع المأخوذ في مورد البحث هو ما ذكرنا دون الاجتماع الحقيقي ، وإنّما يؤخذ ذلك وجودا وعدما دليلا على المنع والجواز فتأمّل.
ثمّ انّ هذا الوجه هو الأصل فيما ذهب إليه القائلون بجواز الاجتماع ، وهو عمدة ما استندوا إليه في المقام ، فلنفصّل القول في بيانه ، وفي دفعه وإن تبيّن الحال فيه ممّا قرّرناه في الاحتجاج على المختار.
فنقول توضيح الاستدلال : إنّ المفروض في محلّ النزاع تعلّق كلّ من الأمر والنهي بطبيعة غير ما تعلّق به الآخر ، فهناك طبيعتان مختلفتان يتعلّق الأمر بإحداهما والنهي بالاخرى. غاية الأمر أن يكون المكلّف أوجدهما في مصداق واحد وقارن بينهما في الوجود بسوء اختياره ولا مانع من ذلك لا من جهة : قيام الضدّين بأمر واحد ، إذ المفروض قيام الحكمين بالطبيعتين وهما أمران لا اتّحاد بينهما في لحاظ الطبيعة الذي هو المناط في تعلّق التكليف به ، فإنّ المكلّف به هو الطبيعة المطلقة المأخوذة لا بشرط شيء ـ حسب ما قرّر في محلّه ـ وهما متغايران بهذا اللحاظ قطعا لا اتحاد بينهما أصلا ، ألا ترى في المثال المشهور أنّه لا يصير طبيعة الصلاة غصبا ولا طبيعة الغصب صلاة؟ غاية الأمر أنّهما يتصادقان على مصداق واحد. ومن ذلك يظهر أنّه لا مانع من صدور الإرادتين من المكلّف أيضا ، نظرا إلى اختلاف المرادين. ولا من جهة : لزوم إرادة القبيح من الحكيم ، لعدم تعلّق الأمر إلّا بالطبيعة الراجحة الخالية عن الوجوه المقبّحة. ولا من جهة : لزوم التكليف بالمحال ، ضرورة إمكان الانفكاك بين الأمرين ، وإنّما جمع المكلّف بينهما بسوء اختياره.
وقد يقرّر الاحتجاج المذكور بوجه آخر قد مرّت الإشارة إليه أيضا وهو : أنّه قد تقرّر في محلّه أنّ الطبيعتين اللتين بينهما عموم من وجه لا يمكن اتّحادهما