اجتماع المتنافيين إلّا أنّ مبنى الكلام المذكور كون متعلّق الأمر والنهي في خصوص الأفراد دون نفس الطبائع.
غاية الأمر : أن تكون الطبيعة جهة تعليليّة في وجوب الفرد ، وهذا القول مرغوب عنه لا معوّل عليه كما مرّ الكلام فيه فلا يتمّ المدّعى. وأقصى ما يتخيّل في المقام أن يقال : إنّ الحاصل هناك وإن كان وجوبا واحدا إلّا أنّه ينسب ذلك الوجوب أوّلا وبالذات إلى الطبيعة وثانيا بالعرض إلى الفرد نظرا إلى اتّحاده معها ، وحينئذ فانتساب الوجوب إلى الفرد معلّل بوجوب الطبيعة في نظر العقل وإن لم يكن هناك واجبان بحسب الخارج. وفيه : أنّ الطبيعة حينئذ تكون واسطة في العروض لثبوت الوجوب للفرد ، فلا تكون الجهة حينئذ إلّا تقييدية بحسب الخارج لا تعليلية كما ادّعى.
قلت : إنّ الواجب هو أفراد الطبيعة من حيث انطباق الطبيعة عليها وهو مفاد ما ذكرناه من تعلّق الأمر بالطبائع من حيث الوجود لا من حيث هي على نحو القضيّة الطبيعيّة فإنّ الطبيعة بملاحظة وجودها في الخارج عين الفرد ، إذ إيجاد الطبيعة إنّما يكون بإيجاد فرد منها ولا ينافي ذلك ما ذكرناه من كون الجهة تعليليّة ، لما عرفت من أنّ التعليل المذكور إنّما هو في لحاظ العقل بعد ملاحظة الاعتبارين لا في الخارج ، إذ لا تميّز بينهما حسب ما عرفت ، فلا يلزم أن يكون هناك وجوبان يتعلّق أحدهما بالطبيعة والآخر بالفرد كما يقتضيه ظاهر ما يتراءى من اعتبار الحيثيّة في المقام تعليليّة مع تعلّق الوجوب أوّلا بنفس الطبيعة ، ولا أن تكون الطبيعة واسطة في العروض وتكون الجهة تقييديّة وذلك لتعلّق الحكم بحسب الذات بالأفراد فإنّ الحكم على الطبيعة بالوجوب حكم على أفرادها.
غاية الأمر : أن يكون ذلك بتسريته من الطبيعة إليها ، وبه يفرق بين تعلّق الأوامر بالأفراد وتعلّقها بنفس الطبائع كما مرّت الإشارة إليه وسيجيء بيانه أيضا إن شاء الله ، وكون الجهة هنا تعليليّة إنّما هو من جهة التسرية المفروضة فتأمّل. فتحصّل ممّا قرّرناه أنّه ليس وجوب الفرد حاصلا بالعرض ، إذ ليس مفاد وجوب