المذكورة ، ولذا يصحّ أن يقول العبد : إن عصيتك بالكون في المكان المخصوص فقد أدّيت مقصودك من الخياطة.
وفيه : أنّ عدم استحقاق العبد للعقوبة على ترك المأمور به لا يفيد أداءه للمأمور به حتّى يصحّ عدّه مطيعا من تلك الجهة ، بل قد يكون ذلك من جهة إسقاط المأمور به بأداء غيره ، وذلك لا يقضي بمخالفة الأمر كما هو ظاهر ومرّت الإشارة إليه في المباحث المتقدّمة.
والحاصل : أنّ إسقاط المأمور قد يكون بعصيانه ، وقد يكون بأداء ما يكون باعثا على الأمر به ، أو عدم بقاء متعلّقه ، وسقوط الأمر على الوجه الثاني لا يقضي بحصول العصيان كما هو ظاهر من ملاحظة إنقاذ الغريق على الوجه المحرّم ، فإنّ ذلك ليس ممّا أمر الشارع به ، لكنّه مسقط للتكليف بالإنقاذ فلا امتثال حينئذ ولا عصيان. نعم لو علم تعلّق غرض الآمر بخياطة الثوب في غير المكان المفروض تفرّع عليه العصيان من تلك الجهة أيضا إلّا أنّه مخالف لظاهر الإطلاق وإن قلنا بتقييد جانب الأمر بالنهي ، فإنّ ذلك التقييد إنّما يجيء من جهة النهي المفروض والجمع بينه وبين الأمر ، لا لتعلّق غرض بخصوص الخياطة الحاصلة في غير ذلك المكان.
قوله : (حيث لا يعلم إرادة الخياطة كيفما اتّفقت.)
هذا أيضا ناظر إلى ما هو الظاهر من الجواب المتقدّم من جواز اجتماع الطاعة والعصيان مع كون جهة الأمر مطلقة ليتعلّق الطلب بالفعل كيفما اتّفق. وقد عرفت وهنه وأنّه مخالف لما هو بصدده ، وبه يبعد أيضا ما مرّ من التوجيه الأوّل.
قوله : (فإذا أوجد المكلّف الغصب بهذا الكون صار متعلّقا للنهي) قد يقال : إنّه إذا كان الكون المفروض من أفراد طبيعة الغصب وكان النهي المتعلّق بها متعلّقا حقيقة بأفرادها كان الكون المفروض متعلّقا للنهي سواء أوجد المكلّف كلّي الغصب في ضمنه أو لا ، إذ ليس إيجاد المنهي عنه سببا لتعلّق النهي به ، فلا يتّجه ما ذكره من : أنّه إذا أوجد المكلّف مطلق الغصب في ضمن الكون الخاصّ صار متعلّقا للنهي.