الاطلاقات ليس بمقتضى اللفظ من الأول بل يحتاج إلى معونة من الخارج من مقدمات الحكمة ، بخلافه فيما نحن فيه فإنّ حقيقة التنزيل المستفادة من اللفظ تقتضي تنزيل لوازمه من الأول وإلّا لم يجعل المنزّل عين المنزّل عليه ، لأنّ التفكيك بين اللازم والملزوم محال ، فلو نزّل شيء منزلة شيء في بعض اللوازم دون بعض لم يجعل هو هو ، إذ ما فرض منفكّا عن اللازم غير ذاك الملزوم فافهم وتأمّل بعين التدقيق ، وسيأتي تمام التحقيق إن شاء الله تعالى.
ثم لا يخفى أنّ ما ذكرنا من إطلاق التنزيل لا يثبت به الملزوم ولا الملازم ، لأنّ شيئا منهما لا يعدّ من شئون الشيء وتوابعه حتى يكون إثباته إثباته ، وهكذا الأمر في الأمارات أيضا ، مثلا لو ثبتت بالبيّنة طهارة أحد المشتبهين بالشبهة المحصورة لم يثبت ملازمه وهو نجاسة الآخر ، وكذا لو ثبتت طهارة الملاقي للمائع المردّد بين الماء والبول بالأصل أو البيّنة لم تثبت به طهارة المائع ، اللهمّ إلّا أن يعدّ ذلك الملازم أو الملزوم مما أخبر به البيّنة لشدّة وضوح الملازمة ، وهذا خارج عمّا نحن فيه ، لأنّ الكلام في إثبات لوازم المخبر به أو ملزوماته وملازماته إذا لم تكن مخبرا بها.
قوله : وهذه المسألة نظير ما هو المشهور في باب الرضاع (١).
كما إذا حصل الرضاع المحرّم بين أخ زيد وهند ، فتصير هند اخت أخ زيد ، فلو اريد بذلك أن يثبت عنوان أختية هند لزيد نظرا إلى أنّ اخت الأخ في النسب ملازم لعنوان الاخت ويحكم بحرمتها على زيد كان نظيرا لما نحن فيه ، هذا غاية توجيه كلام المتن.
وفيه نظر بيّن ، لأنّ ما هو المسند إلى المشهور في باب الرضاع كما هو
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٣٥.