ووجه الفرق أنه في الصورة الاولى يحكم بصحة فعل مدّعي الفساد ويجعل ذلك حجة على نفسه ، وفي الصورة الثانية لو أجرى أصالة الصحة لزم أن يحكم بصحة فعل مدّعي الصحة ويجعل ذلك حجة على غيره ، وأدلة أصالة الصحة قاصرة الشمول لمثله وإلّا لزم الحمل على الصحة في مثل ما إذا تصرف زيد في مال عمرو بغير إذنه ، ويقال يحتمل كون المال لزيد واقعا وهو يعلم ذلك فالأصل معه والبيّنة يتوجّه على عمرو ، وكذا لو قتل زيد عمرا واحتملنا أن يكون عمرو مستحقا للقتل لأجل قصاص أو حدّ ، لزم أن يحمل فعله على الصحة ويجعل البيّنة على ولي المقتول وهكذا (١).
قوله : وممّا يتفرّع على ذلك أيضا أنه لو اختلف المرتهن الخ (٢).
ما ذكره من أنّ معنى صحة الاذن أنه لو وقع البيع بعده ومقرونا به كان صحيحا حق لا معدل عنه ، وأمّا ما ذكره من أنّ صحة الرجوع لا يقتضي وقوع البيع بعده فممنوع ، إذ من الواضح أنّ الرجوع بعد وقوع البيع لغو لا محل له ، فصحته ملازم لوقوع البيع بعده فيكون البيع باطلا ، نعم إثبات بطلان البيع به مبني على حجية الاصول المثبتة بناء على كون أصالة الصحة من الاصول لا الأمارات ، وكذا ما ذكره من أنّ الحكم بصحة البيع لا يقتضي سوى أنه لو صادف إذن المرتهن أثّر أثره ممنوع ، بل معنى صحة البيع الصادر عن البالغ العاقل بقصد ترتيب الأثر الحكم بكونه جامعا لجميع الشرائط خاليا عن جميع الموانع ومنه اقترانه برضا
__________________
(١) أقول : الإنصاف أنّ دعوى قصور أدلة أصالة الصحة لمثل ما ذكر في غير المحل ، إلّا أنّ جريان الأصل المذكور في موارد النزاع والمخاصمة كلية محل إشكال وكلماتهم مختلفة غاية الاختلاف والمسألة في غاية الإشكال تحتاج إلى مزيد تتبّع وتأمّل.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٣٦٤.