على التعريف الأوّل لأنّه من جعل الشارع سواء بنى عليه المكلّف أم لا ، فلو عمل على طبق الحالة السابقة بعد اليقين والشكّ ولو اتّفاقا لغرض من الأغراض فقد عمل بالاستصحاب.
ثمّ لا يخفى أيضا أنّ الوجهين الأوّلين يشاركان التعريف الأوّل في عدم مساعدة جملة من استعمالاتهم عليه كقولهم إنّ الاستصحاب حجّة وأنّه من الأدلّة وسائر ما اشتقّ من لفظ الاستصحاب ، وإنّما يوافق هذه الاستعمالات للوجه الأخير وهو إبقاء المكلّف ، وهذا يشهد بأنّ المعنى المصطلح عليه هو هذا ، مع أنّ المناسب أن يجعل الاصطلاح على ما يوافق أحد الوجهين الأوّلين أو مفاد التعريف الأوّل ، بل خصوص مفاد التعريف الأوّل حتّى يكون حقيقة الاستصحاب مشابها لحقيقة نظائره من قاعدة الطهارة وقاعدة البراءة وقاعدة الاحتياط إلى غير ذلك من الأحكام والموضوعات الظاهرية.
ثمّ لا يخفى أنّه يمكن أن يعتبر الباقي في التعريف الأوّل وجميع وجوه التعريف الثاني هو التيقّن أو نفس اليقين كما هو الأظهر في مفاد أخبار لا تنقض عندنا على ما سيأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
ومنها : أنّه عبارة عن نفس اليقين السابق كما احتمله في الضوابط ، ولعلّه إليه يرجع تعريف المحقّق القمي من أنّه كون حكم أو وصف يقيني الحصول إلى آخر ما نقله في المتن وجعله أزيف التعاريف ، وهذا المعنى أنسب من حيث عدّهم للاستصحاب من الأدلّة كما أشار إليه في المتن ، وما أورد عليه غير وارد ، لأنّ دليلية اليقين السابق إنّما يتصوّر على حدّ دليلية نظائره من الطرق الشرعية كالإجماع والشهرة ومطلق الظنّ ونحوها فإنّها أدلّة للأحكام ينكشف بها واقعها علما أو ظنّا ، وكذلك اليقين السابق ينكشف به الحكم ظنّا نوعيا ، فإن كان حجّية الاستصحاب من باب حكم العقل يصحّ أن يقال إنّه دليل عقلي أعني دليل معتبر