وذلك في كيفية الدلالة (١) ، فقد يكون المدلول التصوّري واحدا ، ولكن كيفية الدّلالة تختلف ، فانّ جملة «بعت» الانشائية دلالتها على مدلولها بمعنى ايجادها له باللفظ ، وجملة «بعت» الاخبارية دلالتها على مدلولها بمعنى اخطارها للمعنى وكشفها عنه ، فكما ادّعي في الحروف انها ايجادية كذلك يدّعى في الجمل الانشائية ، لكن مع فارق الإيجاديتين ، فتلك بمعنى كون الحرف موجدا للربط الكلامي ، وهذه بمعنى كون «بعت» موجدة للتمليك بالكلام ، فما هو الموجد في باب الحروف حالة قائمة بنفس الكلام (٢) ، وما هو الموجد في باب الانشاء امر اعتباري مسبّب عن الكلام (٣).
ويرد على ذلك (٤) ان التمليك اعتبار تشريعي يصدر من
__________________
(١) نظر صاحب هذا الاتجاه الى حالة وحدة الجملتين لفظا ، وأمّا في حالة تعددهما لفظا فلا اشكال في تعدّد مدلوليهما التصوّري بالبداهة ، امّا في حال وحدتهما لفظا كما في «بعت» الانشائية و «بعت» الاخبارية فمدلولهما التصوّري وإن كان واحدا اجمالا وهو صدور البيع من المتكلم ولكن كيفية الدلالة على صدور البيع تختلف ، ففي الانشائية تدلّ «بعت» على ارادة صدور البيع اي انشاءه ، وفي الاخبارية تدلّ على الاخبار عن صدوره. (فصار) الفرق بين قول صاحب الكفاية رحمهالله وبين هذا ـ رغم اتحادهما في القول بوحدة المدلول التصوري فيهما ـ ان القول الثاني قد التفت الى نكتة التغاير بين المدلولين التصوريين في كيفية الدلالة ، وبالتالي سيختلف المدلولان التصوّريان.
(٢) وهو الربط.
(٣) كالتمليك والزوجيّة ونحوهما.
(٤) ذكر هذا الردّ السيد الخوئي رحمهالله في المحاضرات ج ١ ، ص ٨٨ ،