ويمكن ان نفسّر على هذا الاساس ايجادية الجملة الانشائية ، فليست هي بمعنى ان استعمالها في معناها هو بنفسه ايجاد للمعنى باللفظ ، بل بمعنى ان النسبة المبرزة بالجملة الانشائية نسبة منظور إليها لا بما هي ناجزة ، بل بما هي في طريق الانجاز والايجاد.
الثمرة :
قد يقال : إن من ثمرات هذا البحث ان الحروف بالمعنى الاصولي الشامل للهيئات اذا ثبت انها موضوعة بالوضع العام والموضوع له الخاص فهذا يعني ان المعنى الحرفي خاص وجزئي ، وعليه فلا يمكن تقييده بقرينة خاصّة (١) ، ولا اثبات اطلاقه بقرينة الحكمة العامّة ، لانّ التقييد والاطلاق من شئون المفهوم الكلي القابل للتخصيص. وممّا يترتّب على ذلك ان القيد اذا كان راجعا في ظاهر الكلام الى مفاد الهيئة (٢) فلا بدّ من
__________________
نائم مثلا ، وذلك لدخالة كيفية النظر الى النسبة في المعنى الموضوع له.
(١) اعلم أنّ الامور الجزئية غير قابلة للتقييد ، فمثلا : لا يصح ان تقول : إن كان هذا الكتاب ابيض فأعطه لزيد ، وذلك لانّ هذا الكتاب هو فعلا إمّا ابيض وإمّا لا ، فهذا الشرط إذن ليس قيدا حقيقة ، ولا يصح ان تقول : إن كان في هذا الاناء ماء فاعطه لزيد ، لأنّ المفروض انك ترى انّ فيه ماء ، ولذلك فهذا الشرط ليس قيدا حقيقة. (ولا شك) انك تعلم انّ الامور الجزئية هي الامور الخارجية فقط ، لأنّ الصور الذهنية مهما قيّدت تبقى كلّية.
(٢) اي هيئة الجزاء كهيئة «افعل» التي هي هيئة «أكرم» في قولنا مثلا «اذا جاءك زيد فاكرمه» ومدلول هيئة الجزاء هنا هو وجوب الاكرام