(حجيّة القطع)
تقدّم في الحلقة السابقة انّ للمولى الحقيقي سبحانه وتعالى حقّ الطاعة بحكم مولويّته. والمتيقّن من ذلك هو حقّ الطاعة في التكاليف المقطوعة ، وهذا هو معنى منجّزية القطع ، كما انّ حقّ الطاعة هذا لا يمتدّ الى ما يقطع المكلّف بعدمه من التكاليف جزما ، وهذا معنى معذّرية القطع. والمجموع من المنجّزية والمعذّرية هو ما نقصده بالحجيّة. كما عرفنا سابقا انّ الصحيح في حقّ الطاعة شموله للتكاليف المظنونة والمحتملة ايضا ، فيكون الظن والاحتمال منجّزا ايضا (*) ، ومن ذلك
__________________
(*) (اقول) الاصل العقلي والعقلائي هو عدم وجود تكاليف الزامية وكون الانسان حرّا كما ولدته أمّه ، إلّا ان الشارع المقدس يعلم بعلمه الازلي انّ من المصلحة الالزامية جعل شريعة للمكلّفين لفوائد في ذلك لهم في الدنيا والآخرة. وكذلك المقنّنون الوضعيون ادركوا ضرورة جعل شريعة للناس ...
وبناء على الاصل الاوّلي يرى العقل ان الانسان غير مكلّف بما يحتمله او يظنّه من التكاليف ، وهذا الاصل العقلي والعقلائي مرتكز في اذهان المتدينين بالاديان السماوية ـ مع غضّ النظر عن معرفتهم بتشريع قاعدة البراءة الشرعية ـ الّا الوسواسيين منهم.
ولذلك ترى هؤلاء المؤمنين لا يهتمّون بما يحتملونه او يظنّونه ، وليست هذه السيرة الواضحة الّا لوجود ارتكاز عندهم بان الاصل في الانسان كونه حرّا طليقا من التكاليف تجاه الله وعبيده ، نعم خرج من ذلك ما يكون فيه ظلم سواء كان للنفس ام للغير ، وذلك لانّ الظلم قبيح عقلا. وقد يكون الظلم لله تعالى او للانسان ، مثال الاوّل الشرك بالله