(المعاني الحرفيّة)
المعنى الحرفي مصطلح اصولي تقدّم توضيحه في الحلقة السابقة ، وقد وقع البحث في تحديد المعاني الحرفية ، اذ لوحظ منذ البدء ان الحرف يختلف عن الاسم المناظر له كما مرّ بنا سابقا ، ففي تخريج ذلك وتحديد المعنى الحرفي وجد اتجاهان :
الاتجاه الاوّل : ما ذهب اليه صاحب الكفاية رحمهالله من ان معنى الحرف هو نفس معنى الاسم الموازي له ذاتا ، وانما يختلف عنه اختلافا طارئا وعرضيّا ، ف «من» و «الابتداء» يدلان على مفهوم واحد ، وهذا المفهوم اذا لوحظ وجوده في الخارج فهو دائما مرتبط بالمبتدئ [كزيد مثلا] والمبتدأ منه [كالبصرة] ، اذ لا يمكن وقوع ابتداء في الخارج الّا وهو قائم ومرتبط بهذين الطرفين ، واذا لوحظ وجوده في الذهن (١) فله نحوان من الوجود ، فتارة يلحظ بما هو ويسمّى باللحاظ الاستقلالي ، وأخرى يلحظ بما هو حالة قائمة بالطرفين مطابقا لواقعه الخارجي ويسمّى باللحاظ الآلي. وكلمة «ابتداء» تدل عليه ملحوظا بالنحو الاوّل ، و «من» تدلّ عليه ملحوظا باللحاظ الثاني. فالفارق بين مدلولي الكلمتين في نوع اللحاظ (٢) مع وحدة ذات
__________________
(١) كل المعاني والمفاهيم توجد في الذهن سواء المعاني الاسمية منها او الحرفية ، وامّا التي في الخارج فهي مصاديق لا غير.
(٢) وبتعبير نفس صاحب الكفاية رحمهالله «... إن قلت : على هذا لم يبق فرق بين الاسم والحرف في المعنى ولزم كون مثل كلمة «من» ولفظ «الابتداء»