ومن اليهم. وحينما نلاحظ الارتكاز المكتشف بالاجماع نجد ان احتمال وقوع الخطأ في تشخيص حدوده وامتداداته من قبل المجمعين اقوى نسبيا من احتمال خطئهم في اصل ادراك ذلك الارتكاز ، فان الارتكاز بحكم كونه قضيّة معنوية غير منصبّة في ألفاظ محدّدة قد يكتنف الغموض بعض امتداداته واطلاقاته.
الاجماع البسيط والمركّب :
يقسّم الاجماع الى بسيط ومركّب : فالبسيط هو الاتفاق على رأي معيّن في المسألة ، والمركّب هو انقسام الفقهاء الى رأيين من مجموع ثلاثة وجوه او اكثر ، فيعتبر نفي الوجه الثالث ثابتا بالاجماع المركب ، وما تقدّم من الكلام كان الملحوظ فيه الاجماع البسيط ، وامّا المركّب من الاجماع فان افترضنا ان كل فقيه من المجمعين يبني على نفي الوجه الثالث بصورة مستقلّة عن تبنّيه لرأيه فهذا يرجع في الحقيقة الى الاجماع البسيط على نفي الثالث ، وان افترضنا ان نفي الوجه الثالث عند كل فقيه كان مرتبطا باثبات ما تبنّاه من رأي فهذا هو الاجماع المركب على نفي الثالث ولا حجية فيه ، لان حجّيته انما هي باعتبار كشفه الناشئ من تجمّع القيم الاحتمالية لعدم الخطأ ، وفي المقام نعلم بالخطإ عند احد الفريقين المتنازعين فلا يمكن ان تدخل القيم الاحتمالية كلها في تكوين الكشف للاجماع المركّب لانها متعارضة في نفسها كما هو واضح (١).
__________________
(١) مثال ذلك : افرض ان عشرة فقهاء قدامى قالوا بوجوب غسل الجمعة وباقي القدماء قالوا مثلا باستحبابه ، فهنا اجماع مركّب على عدم حرمته اذن ، لكن عدم الحرمة لا يستكشف من خلال فتاوى جميع الفقهاء ،