وظيفة الاحكام الظاهرية :
وبعد ان اتّضح ان الاحكام الظاهريّة خطابات لضمان ما هو الاهمّ (١) من الاحكام الواقعية ومبادئها ، وليس لها مبادئ في مقابلها ، نخرج من ذلك بنتيجة : وهي انّ الخطاب الظاهري وظيفته التنجيز والتعذير بلحاظ الاحكام الواقعيّة المشكوكة ، فهو ينجّز تارة ويعذّر أخرى وليس موضوعا مستقلا لحكم العقل بوجوب الطاعة في مقابل الاحكام الواقعية ، لانّه ليس له مبادئ خاصّة به وراء مبادئ الاحكام الواقعية ، فحين يحكم الشارع بوجوب الاحتياط ظاهرا يستقلّ العقل بلزوم التحفّظ على الوجوب الواقعي المحتمل واستحقاق العقاب على عدم التحفّظ عليه لا على مخالفة نفس الحكم بوجوب الاحتياط بما هو ، وهذا معنى ما يقال من ان الاحكام الظاهرية طريقية لا حقيقية ، فهي مجرّد وسائل وطرق لتسجيل الواقع المشكوك وادخاله في عهدة المكلّف ، ولا تكون هي بنفسها موضوعا مستقلّا للدخول في العهدة لعدم استقلالها بمبادئ في نفسها (٢) ، ولهذا فانّ من يخالف وجوب الاحتياط في مورد ويتورّط
__________________
(١) لا شك انك علمت من مجموع كلام السيّد الشهيد (قده) في مواضع متعدّدة من كلماته انّه يرى انّ الشارع المقدّس قد جعل امارات معينة حجّة لانّها تصيب الواقع غالبا ، بحيث انّ هذه المصلحة الكبيرة الحاصلة تغلب مفسدة خطئها في حالات قليلة ، وشرّع اصولا عملية في حالات معيّنة لاهميّة الاحكام التي تفيدها ـ كالبناء على الحالة السابقة ـ على الاحكام الاخرى كوجوب الاحتياط مثلا
(٢) هذا البحث اقرب الى الاعادة من كونه بحثا جديدا ، فقد ذكره في مسألة «شبهة عدم تنجّز الواقع المشكوك» فراجع ..