مركزها ليس واحدا بل مبادئ كل حكم في نفس جعله لا في متعلقه ـ ولا بلحاظ عالم الامتثال والتنجيز والتعذير ، لانّ احدهما على الاقل غير واصل [أي غير معلوم] فلا اثر عملي له ، وامّا في حالة وصولهما معا فهما متنافيان متضادّان لانّ احدهما ينجّز والآخر يؤمّن.
وامّا على مسلكنا في تفسير الاحكام الظاهرية وانّها خطابات تحدّد ما هو الاهمّ من الملاكات الواقعية المختلطة فالخطابان الظاهريان المختلفان ـ كالاباحة والمنع ـ متضادّان بنفسيهما ، سواء وصلا الى المكلّف او لا ، لانّ الاوّل يثبت اهميّة ملاك المباحات الواقعية ، والثاني يثبت أهميّة ملاك المحرّمات الواقعية ، ولا يمكن ان يكون كلّ من هذين الملاكين اهمّ من الآخر كما هو واضح (١).
__________________
(١) ويترتّب على ذلك عدم امكان جعل حكمين ظاهريين متنافيين حتى ولو لم يوصلهما الشارع الى المكلّف ، وذلك لانّ اي جعل اعتباري لا بدّ ان يكون له مبدأ وملاك ، فاذا تنافت الملاكات تنافى بالتالي جعلها معا ، و (قولهم) ان الاعتبار سهل المئونة ، اذ قد نعتبر الحائط كتابا (واضح البطلان) فيما نحن فيه ، اذ ليس كلامنا في محض الافتراضات الخيالية اللغوية التي لا أثر لها ، وانّما كلامنا فيما هو ممكن فعلا ، فاذن جعل حكمين ظاهريين متنافيين كالاحتياط والبراءة على مورد واحد حتّى ولو لم يكونا واصلين غير ممكن عقلائيا وذلك لوحدة الملاك الواقعي الاهمّ ، بل غير ممكن عقلا في عالم الله سبحانه وتعالى لانه خلاف الحكمة فهو بالتالي مستحيل على الباري تعالى.
__________________
مصلحة الواقع على تقدير وجودها ... وفي موارد الترخيص جعل الترخيص لما في نفسه من المصلحة وهي التسهيل على المكلّفين» ، فلا يرد ما اورده السيّد الشهيد عليه.