والجواب على هذا السؤال يختلف باختلاف المبنى في تصوير الحكم الظاهري والتوفيق بينه وبين الاحكام الواقعية ، فان اخذنا بوجهة النظر القائلة بانّ مبادئ الحكم الظاهري ثابتة في نفس جعله لا في متعلّقه امكن جعل حكمين ظاهريين بالاباحة والحرمة معا ، على شرط ان لا يكونا واصلين معا (١) ، فانّه في حالة عدم وصولهما معا لا تنافي بينهما لا بلحاظ نفس الجعل ـ لانّه مجرّد اعتبار ـ ولا بلحاظ المبادئ (٢) ـ لانّ
__________________
(١) أي معلومين لنا.
(٢) راجع المصباح ج ٢ من ص ٩٢ ـ ٩٤ ، وتعرّض لهذا الامر أكثر من مرّة في اجود التقريرات ج ٢ من ص ٦٢ الى ص ٨٦. ويمكن استفادة ما ذكره السيد الشهيد (قدسسره) من امكان جعل حكمين ظاهريين متنافيين بشرط ان لا يكونا واصلين معا ... الخ ممّا ذكره السيد الخوئي قدسسره الشريف من ص ١٠٨ الى ١١٠ ، والظاهر قويا انّ نظر السيد الشهيد الى السيد الخوئي(*) والمحقق النائيني (قدّس سرهما) في هذا المجال.
__________________
(*) يمكن الدفاع عن رأي السيد الخوئي (قدسسره) بان نقول :
(إنّ) السيد الشهيد رحمهالله لم يوضّح مراد السيد الخوئي ، فالمتأمّل في كلمات السيد الخوئى (قدسسره) يفهم منه عدم «امكان جعل حكمين ظاهريين متنافيين وإن لم يكونا واصلين» وذلك على الاقلّ من جهة التنافي في المبدأ ، فمبدأ الاحتياط الذي هو «التحفّظ على مصلحة الواقع على تقدير وجودها والتحذّر عن الوقوع في المفسدة الواقعية احيانا» يعارض مبدأ البراءة والتي «هي التسهيل على المكلّفين» ، فعليه كيف يمكن جعل حكمين ظاهريين متنافيين وان لم يكونا واصلين؟! ثمّ ان السيّد الخوئي قد اوضح مراده من قوله بانّ المصلحة في الاحكام الظاهرية هي في جعلها بقوله : «ففي موارد الاحتياط جعل وجوب الاحتياط لمصلحة في نفس الاحتياط وهي التحفظ على