يستنتج انّ المنجّزية موضوعها مطلق انكشاف التكليف ولو كان انكشافا احتماليا ، لسعة دائرة حقّ الطاعة ، غير انّ هذا الحقّ وهذا التنجيز يتوقّف على عدم حصول مؤمّن من قبل المولى نفسه في مخالفة ذلك التكليف ، وذلك بصدور ترخيص جادّ منه في مخالفة التكليف المنكشف (١). اذ من الواضح انّه ليس لشخص حقّ الطّاعة لتكليفه والادانة بمخالفته إذا كان هو نفسه قد رخّص بصورة جادّة في مخالفته.
امّا متى يتأتّى للمولى ان يرخّص في مخالفة التكليف المنكشف بصورة جادّة؟
فالجواب على ذلك انّ هذا يتأتّى للمولى بالنسبة الى التكاليف
__________________
(١) بالظن او الاحتمال
__________________
والثاني واضح.
ولعلّ هذا الامر هو السبب في كون أكثر الناس عذابا يوم القيامة الظالمون ، وقد يعفو الله تعالى عن حقوقه الّا ان يشرك به ، ان الشرك لظلم عظيم.
ونزلت الشرائع السماوية المقدّسة ، وبقي الانسان على ذلك الاصل المرتكز ، ثمّ انّ الانسان قد علم من الشرع او من العقل انّ المولى تبارك وتعالى عنده ملاكات لا يرضى بتفويتها كما في موارد الدماء والفروج ، بل هناك اهمّ من ذلك وهي العقيدة الصحيحة ، فهنا يرى العقل انّ اهميّة هذه الموارد تدعو الى الاحتياط الالزامي خوفا من ان يغضب الانسان ربّه ، فانّ عدم الاحتياط فيها بعد العلم بكونها من اقسام الظلم يعتبر تجرّء على المولى تعالى وشريعته نعوذ بالله تعالى من ذلك بخلاف ما لو احتمل انسان وجوب لبس الابيض في الصلاة ونحو ذلك ، فانّ ذلك الاصل العقلي المذكور ينكر وجوب الاحتياط ، بل لا يلتفت اليه ، وللكلام تتمّة مهمّة تأتيك في بحث «مسلك حق الطاعة» من الجزء الثالث ان شاء الله تعالى.