وبهذا الصدد يجب ان نميّز التقابل بين الاطلاق الثبوتي والتقييد المقابل له ـ وهذا ما كنّا نتحدّث عنه فعلا ـ عن التقابل بين الاطلاق الاثباتي (أي عدم ذكر القيد الكاشف عن الاطلاق بقرينة الحكمة) والتقييد المقابل له ، فان مردّ التقابل بين الاطلاق الاثباتي والتقييد المقابل له الى تقابل العدم والملكة ، فعدم ذكر القيد انما يكشف عن الاطلاق في حالة يمكن فيها للمتكلم ذكر القيد كما مرّ في الحلقة السابقة.
__________________
وتبنّاها ، وقد يستدلّ على صحة هذا القول بانّ المولى ـ حقيقيا كان او عرفيا ـ قد يريد أن يصبّ حكمه على عنوان مطلق مع غضّ النظر عن أي قيد ، فيقول مثلا «اكرم المؤمن» مهما كانت صفته ، وليس هناك داعي لئن يتصوّر المولى جميع القيود او بعضها فينفيها (*).
__________________
(*) هذا الكلام وإن كان صحيحا من جهة إلّا انه لا يكفي لابطال القول الثاني ، بل الظاهر صحّة القول الثاني من جهة أيضا وهو ان الاطلاق هو عدم لحاظ القيد حيث يمكن لحاظه كما في «اكرم العالم» فاننا نستكشف ـ من خلال عدم التقييد ـ ارادة مطلق العالم مهما كانت صفته حتى وإن كان فاسقا ، وذلك لانه كان بامكان المولى التقييد بعدم الفسق ورغم ذلك لم يقيّد ولذلك نستفيد الاطلاق ، وامّا اذا فرض عدم امكان لحاظ القيد كما لو اراد المولى ان يقيّد الصلاة بقيد مستحيل فلا يستكشف الاطلاق ، (على) ان قوله (قدسسره) بكون التقابل بينهما في مرحلة الاثبات هو من تقابل الملكة وعدمها يقتضي الاعتراف بكون التقابل بينهما في مرحلة الثبوت تقابل الملكة وعدمها ايضا ، لان مرحلة الاثبات في هكذا موارد كاشفة عن كيفية مرحلة الثبوت. (وقد) يكون عدم ذكره لهذا الكلام من باب ان الفقيه انما يستكشف الاطلاق من القيود المحتملة لا من القيود المستحيلة ، فيسهل الامر ولا يبقى اثر عملي للتدقيق في كيفية التقابل بين الاطلاق والتقييد في مرحلة الثبوت ، (إضافة) الى ان لحاظ عدم القيد ليس فيه مئونة زائدة بالنسبة الى المولى تعالى ، فلا يبعد صحّة كلام السيد الخوئي رحمهالله ايضا ، إذن لكل قول وجه ، ولا نهتم لهذا البحث لعدم القائدة منه.