وجهان : أحدهما : أنّه سبحانه علّق وجوب التثبّت على مجيء الفاسق ، فينتفي عند انتفائه عملا بمفهوم الشرط ، وإذا لم يجب التثبّت عند مجيء غير الفاسق ، فامّا أن يجب القبول ، وهو المطلوب ، أو الردّ وهو باطل ، لأنّه يقتضي كون العادل أسوأ حالا من الفاسق ، وفساده بيّن.
______________________________________________________
(وجهان) : (احدهما :) مفهوم الشرط ، وبيانه : (انه سبحانه علّق وجوب التثبّت على مجيء الفاسق) بمعنى : إنّه جعل مجيء الفاسق شرطا لوجوب التبيّن والتثبّت (فينتفي) وجوب التثبّت والتبيّن (عند انتفائه) أي : عند انتفاء مجيء الفاسق ، فاذا جاء الفاسق بالنبإ وجب التبيّن ، واذا لم يجيء الفاسق بأن جاء العادل ، فلا تبيّن لخبره ، وذلك (عملا بمفهوم الشرط) وقد ثبت في محله : ان مفهوم الشرط حجّة (واذا لم يجب التثبّت عند مجيء غير الفاسق) بأن جاء العادل بالخبر (فامّا أن يجب القبول) بلا تبيّن ، فانه اذا جاء الفاسق بالخبر نتبيّن ، فان كشف لنا صدقه عملنا به ، والّا لم نعمل به.
وأمّا اذا جاء العادل بالخبر ، فانه نقبل خبره ونعمل به بلا تبيّن (وهو المطلوب) لمن قال : بأنّ خبر الواحد حجّة ، وإنّ حجّيته لمفهوم الشرط المستفاد من هذه الآية المباركة.
(أو الردّ) بلا تبيّن ، فاذا جاء الفاسق ، تبيّنا عن خبره ، واذا جاء العادل ، رددنا خبره بلا تبيّن (وهو) أي الردّ بلا تبيّن (باطل) قطعا (لأنّه يقتضي كون العادل ، أسوأ حالا من الفاسق ، وفساده بيّن) لأنه وجب التّبيّن في خبر الفاسق ، بينما قد رددنا خبر العادل رأسا بلا تبيّن ومن دون عمل.
وحيث ان الأسوئية في خبر العادل مقطوع العدم ، فاللّازم أن نقول : بان مفهوم الآية هو : قبول خبر العادل بلا تبيّن.