وظهور أوليائه على أعدائه وسائر ما يتفق في حرب المسلمين مع الكفار من آيات عظمة الله وحكمته ، فيخبروا بذلك عند رجوعهم إلى الفرقة المتخلّفة الباقية في المدينة ، فالتفقّه والإنذار من قبيل الفائدة لا الغاية حتى يجب بوجوب ذيها.
قلت : أوّلا ، إنّه ليس في صدر الآية دلالة على أنّ المراد النفر إلى الجهاد
______________________________________________________
التي يتفضل الله بها على المؤمنين في الحرب ، من المطر ، والريح (و) غيرهما ، ممّا يسبب (ظهور أوليائه على أعدائه) بغلبة المؤمنين مع قلّتهم على الكفّار مع كثرتهم (وسائر ما يتفق في حرب المسلمين مع الكفّار من آيات عظمة الله وحكمته) فانّ المؤمن إذا واجه الكافر في اخلاقهما وسلوكهما ظهر له رفعة الايمان وضعة الكفر ، حيث إنّ الأشياء تعرف بأضدادها ، وذلك يدل على حكمة الله في تشريع الأحكام وتبيين اصول الاسلام.
(فيخبروا بذلك) الذي شاهدوه ورأوه (عند رجوعهم الى الفرقة المتخلّفة) عن ساحات الجهاد (الباقية في المدينة) المنورة عند الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو عند من خلّفه الرسول إذا كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج بنفسه الى الجهاد.
إذن : (فالتفقه والإنذار من قبيل الفائدة) غير الكلية (لا الغاية حتى يجب) كل واحد منهما (بوجوب ذيها) أي : ذي الغاية.
إن قلت ذلك : (قلت أوّلا : انّه ليس في صدر الآية دلالة على انّ المراد : النفر الى الجهاد) فان قوله سبحانه : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) (١) وفيه احتمالات : ـ
__________________
(١) ـ سورة التوبة : الآية ١٢٢.