ويشهد بتغاير معنى الايمان في الموضعين ، مضافا إلى تكرار لفظه ، تعديته في الأوّل بالباء وفي الثاني باللام ، فافهم.
______________________________________________________
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كما هو شأن المنافق ـ كذلك إيمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمنافقين لا يكون الّا بمجرد إظهار القبول ، بدون ترتيب آثار الواقع.
لكن لا يخفى : ان المعنى الذي ذكره المصنّف ، غير ظاهر من الآية المباركة ، فانّ الظاهر : انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وسلم يؤمن لنفع من أظهر الايمان ، فان كان مؤمنا واقعيا رتّب الآثار أيضا ، وإن كان مؤمنا ظاهريا لا يرتّب الآثار ، لمحذور في ترتيب الآثار ، لا انّ الآية في صدد عمله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع المنافق فقط ، لأنّ قوله تعالى : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) (١) كالكبرى الكلية لقوله تعالى : (خَيْرٍ لَكُمْ) (٢).
وبذلك ظهر ان ما يأتي من استشهاد المصنّف رحمهالله لما ذكره من المعنى ، محل تأمّل حيث قال : (ويشهد بتغاير معنى الايمان في الموضعين) أي : في قوله سبحانه : (يُؤْمِنُ بِاللهِ) ، وقوله سبحانه : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) امران :
الاول : (مضافا الى تكرار لفظه) فانّه لو كان المراد من الايمان : معنى واحدا ، لكان مقتضى البلاغة أن يقول ـ مثلا ـ : يؤمن بالله وبالمؤمنين ، أو يقول يؤمن بالله وللمؤمنين ، بلا تكرار «ويؤمن» (تعديته) أي : الايمان (في الأوّل : بالباء) الذي هو للالصاق (وفي الثاني : باللام) الذي هو للانتفاع.
(فافهم) فانّ الظاهر من الفرق ، هو : انّ الايمان بالله يكون بذات الله سبحانه ،
__________________
(١) ـ سورة التوبة : الآية ٦١.
(٢) ـ سورة التوبة : الآية ٦١.