فأقرّ به قلت له : حدّثكم أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل بن سهل بن بيريّ سنة أربع وسبعين وثلاثمائة قال : حدّثنا عليّ بن عبد الله بن مبشّر ، حدّثنا أحمد ابن سنان ، حدّثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا شريك ، عن أبي اسحاق ، عن حبشيّ ابن جنادة ، قال : سمعت النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يقول : عليّ منّي وأنا منه ولا يؤدي عنّي إلّا أنا أو عليّ (١).
__________________
ـ والخطيب البغدادي فيما خرجه من الفوائد للشريف النسيب.
ومن في قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «علي مني وأنا من علي» للاتصال وأنهما متحدان كنفس واحدة من جميع الجهات ، إلّا أنه ليس بنبي كما قال الطيبي شرحا لقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» مني خبر المبتدأ ، ومن اتصالية ، ومتعلق الخبر خاص والباء زائدة يعني أنت متصل بي ، نازل مني منزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي. فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة ، بل من جهة ما دونها وهي الخلافة. (راجع شرح المواهب ٣ / ٧٠).
توضيح ذلك أنهم حيث كانوا يريدون أن يخالفوا مع غيرهم للاتحاد والوفاق بالنصرة والموالاة قالوا : «الدم الدم. الهدم الهدم : أنت مني وأنا منك ، أحارب من حاربت. وأسالم من سالمت». فينعقد بينهما حق الموالاة والنصرة كما قال رسول الله لنقباء الأنصار حين بايعوه في العقبة الثانية حين قال ابن التيهان في كلام له : فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم قال : «بل الدم الدم والهدم الهدم : أنتم مني وأنا منكم أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم» أي ليس كما تظن : بل أنا وأنتم متحدان من حيث النصرة والدار : محياي محياكم ومماتي مماتكم : لا أفارق دياركم.
وقد استوفينا الكلام في شرح ذلك طي مقالة «حسين مني وأنا من حسين» مطبوعة بالفارسية في [ذكرى العلامة الأميني] ١ / ٣٠٥ ـ ٣٤٨ من أرادها فليراجع.
(١) قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني إلّا أنا أو علي» قاله في موطن آخر اعتذارا لأبي بكر حين بعثه بآيات البراءة إلى المشركين ، ثم أتبعه بعلي فقال له : خذ الكتاب منه فامض به إلى أهل مكة ، فلحقه بالجحفة وأخذ الكتاب منه ورجع أبو بكر فقال : يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ قال : «لا ولكن جبرئيل جاءني فقال : «لن يؤدي عنك إلّا أنت أو رجل منك» وعلي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلّا أنا أو علي».
صرح بذلك القارئ في مرقاة المفاتيح ٥ / ٥٦٩ وزاد ما لفظه : كان الظاهر أن يقال : «لا يؤدي عني إلّا علي» فأدخل «أنا» تأكيدا لمعنى الاتصال في قوله «علي مني وأنا من علي» ومثل ذلك قال المناوي في شرحه على الجامع الصغير : فيض القدير.
بل : من في قول جبرئيل (عليهالسلام) «لا يؤدي عنك إلّا أنت أو رجل منك» أيضا للاتصال ، ولذلك استند رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) حين اعتذر لأبي بكر بأن عليّا منه ، ولا يؤدي عنه إلّا علي ، وعلى مثل هذا المعنى خرج المرزباني في شرحه على الحماسة ٢ / ٨١٤ كلام ـ