وقال سعيد بن جبير : جاء رجل من اليهود يقال له : مالك بن الصيف ، فخاصم النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى ، أما تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين». وكان حبرا سمينا ، فغضب وقال : والله ما أنزل الله على بشر من شيء. فقال له أصحابه الذين معه : ويحك ، ولا على موسى؟ فقال : والله ما أنزل الله على بشر من شيء. فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
الآية : ٩٣ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَ) إلى قوله : (وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ).
نزلت في مسيلمة الكذاب الحنفي ، كان يسجع ويتكهن ، ويدعي النبوة ، ويزعم أن الله أوحى إليه (٢).
(وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) الآية. نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كان قد تكلم بالإسلام ، فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم يكتب له شيئا ، فلما نزلت الآية التي في المؤمنين : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ) [سورة المؤمنون ، الآية : ١٢] أملاها عليه ، فلما انتهى إلى قوله : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) [سورة المؤمنون ، الآية : ١٤] عجب عبد الله في تفصيل خلق الإنسان ، فقال : تبارك الله أحسن الخالقين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هكذا أنزلت عليّ». فشك عبد الله حينئذ وقال : لئن كان محمد صادقا لقد أوحي إليّ كما أوحي إليه ، ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال. وذلك قوله : (وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) وارتد عن الإسلام (٣).
الآية : ٩٤ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٩٤).
__________________
(١) زاد المسير ، ج ٣ / ٨٢ ، وتفسير الطبري ، ج ٧ / ١٧٦.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٧ / ١٨١ ، وتفسير القرطبي ، ج ٧ / ٣٩.
(٣) النيسابوري ، ١٨٥ ـ ١٨٦ ، والسيوطي ، ١١٨ ـ ١١٩ ، وتفسير الطبري ، ج ٧ / ١٨١ ، وزاد المسير لابن الجوزي ، ج ٣ / ٨٦.