الصامت قال : لما هزم العدو يوم بدر ، واتبعتهم طائفة يقتلونهم ، وأحدقت طائفة برسول الله عليهالسلام ، واستولت طائفة على العسكر والنهب ، فلما نفى الله العدو ورجع الذين طلبوهم ، وقالوا : لنا النفل بحسن طلبنا العدو ، وبنا نفاهم وهزمهم. وقال الذين أحدقوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم : والله ما أنتم بأحق به منا ، نحن أحدقنا برسول الله صلىاللهعليهوسلم لا ينال العدو منه غرة ، فهو لنا. وقال الذين استولوا على العسكر والنهب (١) : والله ما أنتم بأحق به منا ، نحن أخذناه واستولينا عليه ، فهو لنا. فأنزل الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) فقسمه رسول الله عليهالسلام بالسوية (٢).
الآية : ٥ ـ قوله تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (٥).
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : قال لنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونحن بالمدينة ، وبلغه أن عير أبي سفيان أقبلت : «ما ترون فيها لعل الله يغنّمناها ويسلّمنا»؟! فخرجنا فسرنا يوما أو يومين ، فقال : «ما ترون فيهم؟» فقلنا : يا رسول الله ، ما لنا طاقة بقتال القوم ، إنما خرجنا للعير ، فقال المقداد : لا تقولوا كما قال قوم موسى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) (٢٤)!! [سورة المائدة ، الآية : ٢٤]. فأنزل الله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (٥) ، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه (٣).
الآية : ٩ ـ قوله تعالى : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) (٩).
عن عمر بن الخطاب قال : نظر النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المشركين ، وهم ألف ، وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، فاستقبل القبلة ثم مدّ يديه وجعل يهتف بربّه : «اللهمّ أنجز
__________________
(١) النهب : أي الغنيمة.
(٢) النيسابوري ، ١٩٣ ـ ١٩٥ ، والسيوطي ١٢٥ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٢٨٣ ، وتفسير القرطبي ، ج ٧ / ٣٦٠.
(٣) السيوطي ١٢٦ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧.