الله تعالى بقاء أهل مكة ، وأمر نبيه أن يخرج مهاجرا إلى المدينة ، ونزل قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) (١).
الآية : ٨٥ ـ قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ).
عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : إني مع النبي صلىاللهعليهوسلم في حرث بالمدينة ، وهو متكئ على عسيب ، فمر بنا ناس من اليهود فقالوا : سلوه عن الروح ، فقال بعضهم : لا تسألوه فيستقبلكم بما تكرهون. فأتاه نفر منهم فقالوا : يا أبا القاسم ، ما تقول في الروح؟ فسكت ، ثم ماج ، فأمسكت بيدي على جبهته ، فعرفت أنه ينزل عليه ، فأنزل الله عليه : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (٨٥) (٢).
وقال عكرمة ، عن ابن عباس ، قالت قريش لليهود : أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل ، فقالوا : سلوه عن الروح ، فنزلت هذه الآية (٣). وقال المفسرون : إن اليهود اجتمعوا ، فقالوا لقريش ، حين سألوهم عن شأن محمد وحاله : سلوا محمدا عن الروح ، وعن فتية فقدوا في أول الزمان ، وعن رجل بلغ شرق الأرض وغربها ، فإن أجاب في ذلك كله فليس بنبي ، وإن لم يجب في ذلك فليس نبيا ، وإن أجاب في بعض ذلك وأمسك عن بعضه فهو نبي. فسألوه عنها ، فأنزل الله تعالى في شأن الفتية : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ) [سورة الكهف ، الآية : ٩] إلى آخر القصة ، ونزل في الروح قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) (٤).
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ١٥ / ١٠٠ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٥٨.
(٢) النيسابوري ٢٤٦ ، والسيوطي ١٧٢ ، وسنن الترمذي برقم ٣١٤١ ، وقال : حسن صحيح ، ورواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : البخاري : التفسير / الإسراء ، باب : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) ، رقم : ٤٤٤٤ ، ومسلم : صفات المنافقين وأحكامهم ، باب : سؤال اليهود النبي صلىاللهعليهوسلم عن الروح ، رقم : ٢٧٩٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٦٠ ـ ٦١ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٠ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.
(٣) تفسير النسائي ٣٣٤ ، وأحمد في مسنده ، ج ١ / ٢٥٥ ، والحاكم في المستدرك ، ج ٢ / ٥٣١ ، وصححه وأقره الذهبي.
(٤) النيسابوري ٢٤٦ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٦١.