قوله تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ) الآية. أخرج الترمذي وحسّنه ، عن ابن عباس قال : قام النبي صلىاللهعليهوسلم يوما يصلي فخطر خطرة ، فقال المنافقون الذين يصلون معه : ألا ترى أن له قلبين ، قلبا معكم ، وقلبا معه ، فأنزل الله : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (١).
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة قالوا : كان رجل يدعى ذا القلبين ، فنزلت.
وأخرج ابن جرير من طريق قتادة عن الحسن مثله ، وزاد وكان يقول : لي نفس تأمرني ونفس تنهاني. وأخرج من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : نزلت في رجل من بني فهم قال : إن في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي أنها نزلت في رجل من قريش من بني جمح يقال له : جميل بن معمر (٢).
قال النيسابوري : نزلت في جميل بن معمر الفهري ، وكان رجلا لبيبا حافظا لما سمع ، فقالت قريش : ما حفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان. وكان يقول : إنّ لي قلبين ، أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ـ عليهالسلام ـ فلما كان يوم بدر وهزم المشركون ، وفيهم يومئذ جميل بن معمر ، تلقاه أبو سفيان وهو معلق إحدى نعليه بيده والأخرى في رجله ، فقال له : يا أبا معمر ، ما حال الناس؟ قال : انهزموا. قال : فما بالك إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك؟ قال : ما شعرت إلا أنهما في رجلي. وعرفوا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده (٣).
قوله تعالى : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) الآية. نزلت في زيد بن حارثة ، كان عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأعتقه وتبناه قبل الوحي ، فلما تزوج النبي عليهالسلام زينب بنت جحش ، وكانت تحت زيد بن حارثة ، قالت اليهود والمنافقون : تزوج محمد ـ عليه
__________________
(١) سنن الترمذي برقم ٣١٩٩.
(٢) السيوطي ، ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، وتفسير الطبري ، ج ٢١ / ٧٥ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٣٤٨ ـ ٣٤٩.
(٣) تفسير القرطبي ، ج ١٤ / ١١٦ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٤٦٦.