الآية : ١٤٢ ـ قوله تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ).
نزلت في تحويل القبلة.
عن عبد الله بن رجاء قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحب أن يتوجه نحو الكعبة ، فأنزل الله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) إلى آخر الآية ، فقال السفهاء من الناس ، وهم اليهود : (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) قال الله تعالى : (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) إلى آخر الآية (١).
الآية : ١٤٣ ـ قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ).
قال ابن عباس ، في رواية الكلبي : كان رجال من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ماتوا على القبلة الأولى ، منهم أسعد بن زرارة ، وأبو أمامة أحد بني النجار ، والبراء بن معرور أحد بني سلمة ، وأناس آخرون ، جاءت عشائرهم فقالوا : يا رسول الله ، توفي إخواننا وهم يصلون إلى القبلة الأولى ، وقد صرفك الله تعالى إلى قبلة إبراهيم ، فكيف بإخواننا؟ فأنزل الله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (٢) الآية ، ثم قال : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ). وذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لجبريل عليهالسلام : «وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها». وكان يريد الكعبة ، لأنها قبلة إبراهيم ، فقال له جبريل : إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا ، فسل ربك أن يحولك عنها إلى قبلة إبراهيم. ثم ارتفع جبريل ، وجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
قال البراء بن عازب : صلّينا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد قدومه المدينة سبعة عشر
__________________
(١) رواه البخاري عن عبد الله بن رجاء ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ١ / ١٨٩ ـ ١٩٢ ، والبخاري : أبواب القبلة ، باب : التوجه نحو القبلة حيث كان ، رقم : ٣٩٩ ، وانظر مسلم : الصلاة ، باب : تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة ، رقم : ٥٢٥ ، والترمذي في سننه برقم ٢٩٦٢.
(٢) إيمانكم : أي صلاتكم إلى الكعبة.
(٣) النيسابوري ، ٣٥ ـ ٣٦ ، والسيوطي ٢٠.