الآية : ٢٦ ـ قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ).
قال ابن عباس وأنس بن مالك : لما افتتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة ، ووعد أمته ملك فارس والروم ، قالت المنافقون واليهود : هيهات هيهات ، من أين لمحمد ملك فارس والروم؟ هم أعز وأمنع من ذلك ، ألم يكف محمدا مكة والمدينة حتى طمع في ملك فارس والروم؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
الآية : ٢٨ ـ قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).
قال ابن عباس : كان الحجاج بن عمرو وكهمس بن أبي الحقيق وقيس بن زيد ، وهؤلاء كانوا من اليهود ، يباطنون (٢) نفرا من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم ، فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء اليهود ، واحذروا لزومهم ومباطنتهم ، لا يفتنوكم عن دينكم. فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
وقال الكلبي : نزلت في المنافقين عبد الله بن أبيّ وأصحابه ، كانوا يتولون اليهود والمشركين ، ويأتونهم بالأخبار ، ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، ونهى المؤمنين عن مثل فعلهم (٤).
وقال جبير ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : نزلت في عبادة بن الصامت الأنصاري ، وكان بدريا نقيبا (٥) وكان له حلفاء من اليهود ، فلما خرج النبي صلىاللهعليهوسلم يوم الأحزاب قال عبادة : يا نبي الله ، إن معي خمسمائة رجل من اليهود ، وقد رأيت أن يخرجوا معي فأستظهر بهم على العدو. فأنزل الله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) الآية (٦).
__________________
(١) النيسابوري ، ٨٤ ـ ٨٥ ، والسيوطي ٥٠ ، وتفسير الطبري ، ج ٣ / ١٤٨ ، وتفسير القرطبي ، ج ٤ / ٥٢ ، وزاد المسير في علم التفسير ، ج ١ / ٣٦٨.
(٢) يباطنون : يتخذونهم بطانة ، يشاورونهم في شئونهم ويسرون إليهم عن أحوالهم.
(٣) تفسير الطبري ، ج ٣ / ١٥٢.
(٤) انظر تفسير ابن كثير ، ج ١ / ٣٥٧.
(٥) أي : حضر بدرا. والنقيب : عريف القوم. والنقباء كانوا اثني عشر ليلة بيعة العقبة.
(٦) النيسابوري ، ٨٥ ـ ٨٦ ، والسيوطي ، ٥٠ ـ ٥١.