يبصره اهل الجمع ، فيأتي الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول : ما تعرفني؟ فينظر اليه الرجل فيقول : ما اعرفك يا عبد الله. قال : فيرجع في صورته التي كانت في الخلق الأول ويقول : ما تعرفني؟ فيقول : نعم. فيقول القرآن : أنا الذي أسهرت ليلك وأنصبت عيشك وفي سمعت الاذى وترجمت بالقول في ، ألا وان كل تاجر قد استوفى تجارته وأنا وراءك اليوم.
قال : فينطلق به الى رب العزة تبارك وتعالى فيقول : يا رب عبدك وأنت اعلم به قد كان نصبا بي (١) مواضبا علي يعادي بسببي ويحب في ويبغض. فيقول الله عزوجل : أدخلوا عبدي جنتي واكسوه حلة من حلل الجنة وتوجوه بتاج ، فاذا فعل به ذلك عرض على القرآن فيقال له : هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول : يا رب اني استقل هذا له فزده مزيد الخير كله. فيقول : وعزتي وجلالي وعلوي وارتفاع مكاني لأنحلن له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له ولمن كان بمنزلته : ألا انهم شباب لا يهرمون ، واصحاء لا يسقمون ، واغنياء لا يفتقرون ، وفريحون لا يحزنون ، واحياء لا يموتون. ثم تلا هذه الآية (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (٢)
قال : قلت يا ابا جعفر وهل يتكلم القرآن؟ فتبسم ثم قال : رحم الله الضعفاء من شيعتنا انهم أهل تسليم. ثم قال : نعم يا سعد ، والصلاة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى.
قال سعد : فتغير لذلك لوني وقلت : هذا شيء لا استطيع أتكلم به في الناس. فقال ابو جعفر : وهل الناس الا شيعتنا ، فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقنا. ثم قال : «ان الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر
__________________
(١) في بعض النسخ (في) ونصب الرجل بالكسر نصبا : تعب وانصبه غيره.
(٢) سورة العنكبوت آية ٤٥.