عليه وآله وعلى جميع الانبياء ـ بالكلام والخطب؟ فقال ابو الحسن (ع) : ان الله لما بعث موسى (ع) كان الغالب على أهل عصره السحر ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله ، وما أبطل به سحرهم ، واثبت به الحجة عليهم. وان الله بعث عيسى (ع) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات ، واحتاج الناس الى الطب ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله ، وبما احيى لهم الموتى ، وأبرأ الأكمه والأبرص بأذن الله ، واثبت به الحجة عليهم. وان الله بعث محمدا (ص) في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام ـ وأظنه قال : الشعر ـ فأتاهم من عند الله من مواعظه وحكمه ما أبطل قولهم ، وأثبت به الحجة عليهم ..
٤ ـ القرآن معجزة الهية
قد علم كل عاقل بلغته لدعوة الاسلامية ، أن محمدا (ص) بشرّ جميع الامم بدعوتهم الى الاسلام ، وأقام الحجة عليهم بالقرآن ، وتحدّاهم باعجازه ، وطلب منهم ان يأتوا بمثله وان كان بعضهم لبعض ظهيرا ، ثم تنزل عن ذلك فطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، ثم تحداهم الى الاتيان بسورة واحدة.
وكان من الجدير بالعرب ـ وفيهم الفصحاء النابغون في الفصاحة ـ أن يجيبوه الى ما يريد ، ويسقطوا حجته بالمعارضة ، لو ان ذلك ممكنا غير مستحيل. نعم كان من الجدير بهم أن يعارضوا سورة واحدة من سور القرآن ، ويأتوا بنظيرها في البلاغة ، فيسقطوا حجة هذا هذا المدعي الذي تحداهم في أبرع كمالاتهم ، وأظهر ميزاتهم ، ويسجّلوا لأنفسهم ظهور الغلبة وخلود الذكر ، وسمو الشرف والمكانة ، ويستريحوا بهذه المعارضة البسيطة من حروب طاحنة ، وبذل أموال ، ومفارقة أوطان ، وتحمل شدائد ومكاره.