(سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) وسينتفع بالذكرى (مَنْ يَخْشى) ولا يخشى الا من عرف الخطر المحدق بالجاحدين والعاصين. والمنحرفين عن الخط المستقيم منهج الخالق العظيم. ذلك الذي يستشعر قلبه الخوف والرجاء. ويلتزم بتقوى الله رب العالمين. والقلب الحي يتوجل ويخشى كلما يحتمل انه يغضب مولاه العظيم وخالقه الكريم .. (وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى) الذي قد اسود قلبه من ارتكاب الجرائم وطمست بصيرته كيف يبقى قابلا للتذكير. فمثل هذا يصبح كالعين الرمداء الذي يفرحها الظلام ويؤلمها الضياء.
(الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) والنار الكبرى هي نار جهنم الكبرى بمدتها ودوامها المؤبد. (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) والتزكّي هو التطهر من كل دنس ورجس (فَصَلَّى) هذا الذي تطهر وذكر وصلى (قَدْ أَفْلَحَ) يقينا أفلح براحة الدنيا وامنها وسعادة الآخرة ونعيمها الخالد الذي لا يزول ولا يفنى.
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) ان ايثار الحياة الدنيا يميت القلوب ويعمي البصيرة. ومن هذا الايثار ينشأ الاعراض عن ذكر الله وعن الصلاة. وبذلك تنصب الصائب على هذا المؤثر لدنياه على آخرته ودينه ، وبذلك يستولي عليه الشيطان فينسيه ذكر الله. ويتمكن من خدعه وغوايته. وهيهات أن يدعه أن يعود الى حظيرة القدس.
(إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى) هذا الذي ورد في هذه السورة من الوعظ والتذكير. وهو الذي يتضمن أصول العقيدة الاكبر. هذا الحق الاصيل هو موجود في صحف ابراهيم وموسى (ع).